هناك فرق بين مفهوم الغلو عند المسلمين وبين مفهوم الغلو عند الغربيين، فالغلو عند الغربيين يعبرون عنه بهذه الكلمة التي ذكرناها، أي: (الأصولية) فهم يطلقون على حركات الغلو والتطرف كلمة ( exstravagant) باللغة الإنجليزية، وهذا المصطلح يرمز لمذهب معين في الحياة الغربية، والعقلية الغربية بمجرد سماعها لهذا المصطلح تتذكر واقعاً مر بها، ولكي نفهم الاصطلاح الغربي لابد من أن ندرس معنى ذلك المصطلح، وتاريخ نشأة الجماعة النصرانية المسماة بمصطلح الأصولية، وحتى نفهم حقيقة كلمة الأصولية هذه فها نحن نقول: مجلس الأمن الدولي.
فهل صحيح من حيث النسبة أنه مجلس الأمن الدولي؟! إن مصطلح الأصولية في مفهوم عامة الناس في الغرب هو التمسك الحرفي بالإنجيل.
ويرى بعض الباحثين الغربيين أن هذا التعريف بعيد عن الدقة، وأنه إذا أريد تعريف الأصولية فلابد من استعراض مجموعة من الصفات التي لا يقرها معظم النصارى، وهي في الوقت نفسه صفات مشتركة بين فئات الأصوليين النصارى.
أبرز تلك الصفات -كما ذكرها هو وغيره من الباحثين- في الأصولية النصرانية ما يلي: أولاً: عصمة الإنجيل عند الأصوليين وتنزيهه من أي نوع من أنواع الخطأ، لا في العقيدة والأخلاق فحسب، بل وفي كل ما يتعلق بالتاريخ ومسائل الغيب.
ثانياً: أخذ الإنجيل بمعانيه الظاهرة بلا تأويل، أي: أخذه أخذاً حرفياً؛ لأنه يمثل كلمة الله مدونة بالحرف الواحد.
ثالثاً: الإيمان بكل ما ورد في الإنجيل يعد أساسياً بالنسبة لحياة المسيحية.
رابعاً: رفض الآراء والنظريات الحديثة في علم اللاهوت والدراسات التي تتضمن نقداً للإنجيل وما ينتج عن ذلك من استنباطات وأطروحات.
خامساً: رفض الآراء العلمية المناقضة لما في الإنجيل، كنظرية النشوء والارتقاء، حيث هدفت الأصولية إلى تفنيد كل المحاولات الرامية إلى استخدام المذاهب العلمية الحديثة في التعامل مع نصوص الإنجيل.
سادساً: رفض الفصل بين الكنيسة والدولة، والطلب إلى السياسيين أن يأخذوا قراراتهم حسبما يأمر الله.
سابعاً: القول بمبدأ الألفية، وملخصه أن العالم أشرف على النهاية، وأن ألفاً من السنين ستبدأ بعد هذه النهاية، وهي تتميز بالسلام ووفرة الخيرات وتكون بداية هذه السنين بنزول عيسى عليه السلام.
وبناء على هذا المبدأ فإنهم يؤيدون ما يسمى بمبادرة حرب النجوم؛ لأنها تمهد لتدمير العالم تحقيقاً لتلك النبوءات، وهذا ما ذكره ريجن وكان ينتصر له رسمياً، كان يقول: علينا أن نتعاون مع اليهود حتى يمهدوا لمعركة الملحمة.
ويسمونها موقعة (هرمجدون).
إذاً: الغربيون يعتقدون بهذه الحرب وأنها ستحصل بينهم وبين المسلمين.
وفي حرب الخليج عبروا عنها ببعض التصريحات، كقولهم: إننا ذهبنا لهذه الحرب المقدسة أو للتمهيد لها.
ثامناً: أن فهم الأصوليين هو الفهم الوحيد الصحيح على الإطلاق للديانة النصرانية، يقول أحد الباحثين الغربيين: إن الأصوليين يؤمنون إيماناً مطلقاً بأن فهمهم للدين هو المفهوم الصحيح والوحيد على الإطلاق.
تاسعاً: أن الأصوليين هم المسيحيون الحقيقيون، ويحبون أن يسموا أنفسهم بذلك.
وأصحاب المذهب نفسه يفخرون بهذا الوصف، هذا فيما يتعلق بأمور الاعتقاد.