وبقي أمران فقط من عبودية الجمادات الغيبية وهما: القلم والعرش، أما القلم فجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، قال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة) أي: تكلم القلم، وهذا يدل على أن عنده إدراكاً، وفي قوله: (رب) إقرار بالربوبية، يعني: يارب! والحديث رواه أبو داود.
أما العرش فيكفي قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (اهتز عرش الرحمن عز وجل لموت سعد بن معاذ)، رضي الله تعالى عنه، وهذا الحديث متفق عليه، فإما أن العرش يوالي هذا العبد الصالح، وبسبب موالاته له اهتز سروراً واستبشاراً وفرحاً بقدوم روحه إلى الملأ الأعلى، أو اهتز من حزنه على موته، والله تعالى أعلم.
فهذه الجملة من النصوص تعكس هذا التوافق والانسجام بين عناصر هذا الوجود كله، وهذه الكائنات ليست عدوة لنا، وليس هناك شيء اسمه صراع مع الطبيعة، بل كلها جنود لله مطيعة منقادة، ونحن مطالبون أن ننقاد لله سبحانه وتعالى مع هذه الكائنات طوعاً واختياراً، وألا ندعها تسبقنا إلى هذه القضية، وهي قضية التوحيد، وعبادة الله سبحانه وتعالى، والخضوع له عز وجل، وتسبيحه، وتقديسه، وتنزيهه.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.
وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.