وأيضاً من ثمرات النوافل والسنن: أنها تجبر كسر الفرائض: كما ذكرنا الحديث، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أول ما يحاسب الناس عليه يوم القيامة من أعمالهم الصلاة.
قال: يقول ربنا جل وعز لملائكته وهو أعلم: انظروا في صلاة عبدي: أتمها أم نقصها، فإن كانت تامة كُتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئاً قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؛ فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تُؤخذ الأعمال على ذاكم)، يعني: سائر الأعمال، فينظر مثلاً الزكاة فيها صدقة فريضة وصدقة تطوع، فإذا كان هناك نقص في الفريضة يجبر من التطوع، وكذلك الحج، وكذلك العمرة على القول بوجوبها، وهكذا الصيام وغيره.
ومما لا ينكره منكر أن الإتيان بالفرائض كما أراد الله سبحانه وتعالى متعذر على أكثر الناس؛ لأنه لا يكاد أن تخلو العبادة من نقص؛ كترك الخشوع، أو ترك الطمأنينة في الصلاة، ولا يكاد يخلو أحد من اللغو، أو الغيبة حال الصيام مثلاً والعياذ بالله، أو الجدال والفسوق في الحج إلى آخر ذلك مما يعتبره العبد من النقائص والتفريط بصفته البشرية، ولا شك أن هذه الأشياء تنقص ثواب فرضه ويؤاخذ بها، لكن الله سبحانه وتعالى فتح لنا باباً يجبر هذا الكسر، ويقوم هذا الخلل، ويتمم هذا النقص في الفرائض بالمحافظة على ما شرعه من السنن والنوافل.
والمندوب إذا اعتبرته اعتباراً أعم من الاعتبار المتقدم وجدته خادماً للواجب؛ لأنه إما مقدمة له بين يديه، أو تكميل له، أو تذكار به إن كان من جنس الواجب.