تقويم الأمور تقويماً سليماً يجنب الأمة المزالق

في مثل هذه الظروف تنشأ الأفكار في أذهان الناس، فتبدأ الظنون تذهب بالناس كل مذهب، والمسلم ينبغي عليه أن يكون صاحب بصيرة، فقوة المسلمين تكمن في وحدتهم، وقوة المسلمين تتمثل في هذه الوحدة، وأخطر قضية يواجهها المسلمون تجاه أعدائهم: أن يتسلل الشيطان إلى عقولهم أو أن يأتي دعاة الشر الذين هم شياطين الإنس فيفرقون صفوفهم في مثل هذه الظروف التي تكون فيها مصائب ونكبات يصاب بها المسلمون.

وأصحاب البصيرة هم الذين يقومون الأمور حق تقويمها، ويعرفون المقاييس التي يقاس بها الرجال الأعمال، وهم الذين يجنبون الأمة المزالق.

أما المسلمون الذين تذهب بهم الظنون، ولا يقيسون الأمور بمقياس الإسلام، بل يذهبون مع الهوى في كل مذهب؛ فإنهم يضرون أنفسهم ويضرون غيرهم.

لذا نجد أنه قد شارك فئة من هؤلاء في مقتل عثمان، فالذين أثاروا الفتنة في عهد عثمان قوم أشرار وماكرون، وقد شاركهم بعض أهل الخير، فرأوا العيب الصغير كبيراً والنقطة بحراً، وهؤلاء الذين لا يقيسون الأمور بمقياس الإسلام هلكوا.

وكذلك الذين شاركوا في هدم الخلافة العثمانية علموا بعد ذلك أنهم كانوا مضللين، فلقد كان الخير لهم ألا يشاركوا في هدم الخلافة وإن كانت ضعيفة، وإن كان فيها مرض، وإن كان فيها بلاء، بل كان عليهم أن يثبتوا أركانها لعل الله أن يبعث من ينقذها؛ لأنها كانت تجمع شمل المسلمين، وتلم كلمة المسلمين، وتقف في وجه أعداء الإسلام، لقد ظن هؤلاء أن الأخطاء الموجودة في الخلافة العثمانية تستوجب هدمها، فنقضوا البقية الباقية من السور الذي كان يحمي المسلمين، فاجتاحت الجيوش الصليبية بلاد الإسلام، فأصبحنا كما يقال: أضيع من الأيتام على مأدبة اللئام.

وكثير من هؤلاء اعترفوا بأخطائهم ولكن بعد فوات الأوان، والمجتمع الإسلامي ليس على درجة واحدة، فبعض النفوس قوية متينة، وبعض النفوس ضعيفة، وبعض النفوس بين ذلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015