الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد عبد الله ورسوله.
لن يخسر المسلمون إذا أصروا على تطبيق شريعة الله، وأن يكون تأثير الدين الإسلامي في مدارسهم ومجتمعاتهم كبيراً، ومهما بذلوا في سبيل ذلك من التضحيات فلن يخسروا كثيراً؛ لأن الخسارة في الجانب المقابل أكثر وأعظم بكثير من الخسارة التي يبذلها المسلمون إذا أرادوا تطبيق شريعة الله ودين الله تبارك وتعالى، وأعظم خسارة -كما تشير آيات القرآن- أن غضب الله تبارك وتعالى ينزل بالأمة التي تعرض عن شريعة السماء، وخاصة إذا كان العلم عندها، وكتابها يحدثها، وعلماؤها يخبرونها ويحثونها، ثم تأبى الأمة ذلك؛ فعند ذلك ينتقم الله من عباده بنفسه، أو ينتقم منهم بأعدائهم، أو بالفتن التي تهب في صفوفهم، وهي كافية لأن تجعل غضب الله وانتقامه واقعاً بينهم، وهذا الذي نشاهده من العدوان من أعدائنا علينا في كل مكان، فتجد عدواناً في الهند، وفي الفلبين، وفي كل ديار الإسلام، ثم تجد الفرقة والخصام والنزاع في الأمة، وتجد سقوط الضحايا من المسلمين، فكم سقط من المسلمين بين العراق وإيران؟ وهل كان ذلك بأيدي روسيا وأمريكا واليهود؟! لا، ولكن بأيدي المسلمين أنفسهم.
وكم سقط في اليمن من أناس ينتسبون للإسلام، ويتسمون باسم الإسلام؟! فقبل خمس عشرة سنة سقطت ألوف مؤلفة، وبالأمس القريب أيضاً سقطت ألوف مؤلفة، والمسلم الذي يتسمى بالإسلام يقتل المسلم أيضاً، وهذه الخسائر بأيدي المسلمين أنفسهم، فهذه فتن كما قالت عائشة: (يا رسول الله! أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا كثر الخبث).
فهذه الفتنة لا تقف على طائفة قليلة من الناس، وإنما تعم الصالح والطالح؛ فتصيب هؤلاء وتصيب هؤلاء، فإذا ما بذل المسلمون جهودهم وأفكارهم وأنفسهم لرفعة هذا الدين وتحكيم شريعة الله -مهما كانت الخسائر- فلن تكون أكثر مما يفقده المسلمون بسبب عدم تطبيقهم لهذه الشريعة ولهذا الدين.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وكفر عنا سيئاتنا، وألهمنا رشدنا، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.