وإذا قيل لنا اليوم: من الذي سيقيم الدولة الإسلامية؟ فسنجيب: بأنه الخليفة المسلم.
فمن الذي سيأتي بالخليفة المسلم إلى الدولة الإسلامية؟! إن هذا يحتاج إلى رجال أطهار أخيار أبرار، ويحضرني في هذا المقام أنه روي أن رجلاً قال لـ علي بن أبي طالب: يا علي! إن الدنيا خربت في خلافتك، فأين أيام أبي بكر وأيام عمر؟! فقال له علي بن أبي طالب: إن أبا بكر وعمر كانا أميرين على أمثالي، وأنا اليوم أمير على أمثالك.
يعني: قلة الرجال.
فينبغي أن نحسن الحديث في ندواتنا ومحاضراتنا، وينبغي أولاً أن نسعى إلى تحقيق الإيمان في أنفسنا، وأن نسعى لتطهير مجتمعاتنا، وأن نعيد معاني الإسلام حية في النفوس، وأن تحيا النفوس بروح الله وبنوره وبوحيه، وأن تتمثل المعاني التي أنزلها الله سبحانه وتعالى في كتابه، وأن تحارب الباطل وتجتثه من جذوره؛ فإن الباطل اليوم يملأ نفوسنا وبيوتنا وشوارعنا، ويعشعش في أفكار شبابنا وفتياتنا، فهناك دعوات تسود وأفكار تطرح يتغذى بها فريق من أبنائنا، فالباطل كثير وكثير، فافتح الراديو لتسمعه، وافتح التلفزيون لتسمعه، وافتح الصحيفة لتسمع الباطل، واذهب إلى النوادي وشواطئ البحر، واذهب إلى أي مكان لتسمع وترى الباطل.
وهذه أقذار ونجاسات نحتاج إلى أن نزكي وأن نطهر أنفسنا منها ومن هذا الباطل وهذا الفساد حتى نستطيع أن نقيم جماعة يرضى عنها الله سبحانه وتعالى، ويبارك في أقوالها وفي أعمالها.
فنصر الله تعالى إنما يتنزل على الأخيار، وثقوا -معاشر المسلمين- من أننا -والله- لا نستطيع أن نكون شيئاً في الحياة ما لم يكن بيننا وبين الله صلة، وما لم يكن بيننا وبين الله عمار، فقد قضي بالحكم على هذه الأمة أنه لا يكون لها شأن ولا مجد ولا عز إلا بهذا الدين.
وقد نودي من قبل بالاشتراكية وبالقومية ولم تحصل فائدة، وأتى أولئك بمذاهب الدنيا إلى بلاد المسلمين فلم يزدد المسلمون إلا فرقة، ففي كل فترة تزداد الدول، وفي كل يوم تزداد المشاكل، وفي كل يوم يقتص الأعداء جزءاً من أرضنا، وتقوم إسرائيل في وسطنا، ويطحن النصارى من جانب آخر المسلمين في بعض البلاد، والبوذيون كذلك، ولا يكاد يعرف المسلمون من أين تأتي الضربات، ففي كل ساعة نسمع حدثاً تدمع له العين ويحزن له القلب، فبالله عليكم! كيف سيتنزل نصر الله سبحانه وتعالى على أمة لم تطهر نفسها، ولم تزك نفسها، ولم تجاهد لإقرار الحق في ديار الإسلام؟! فلو كنا نحن أهل بدر فهل سيتنزل علينا نصر الله، وهل ستتنزل علينا ملائكة الله، وما الذي يعيق ملائكة الله عن أن تنزل على المحاربين المقاتلين عندما خاضوا حرباً في عام ثمانية وأربعين، وفي عام ستة وخمسين، وفي عام سبعة وستين، وفي عام ثلاثة وسبعين؟! إنهم ليسوا أهلاً لأن تتنزل عليهم الملائكة، فيكفينا أنه في ليلة المعركة في سنة سبع وستين كان ضباط الجيش يسكرون ويعربدون، فضُربت الطائرات وهي جاثمة على الأرض، والضباط سكارى! فهل هؤلاء يستحقون نصراً؟! وفي وقتها أرسل إلى الجنود ثمانون ألف صورة للمغنيين والممثلين عليها توقيعاتهم ليتباركوا بها! وأما اليهود فكان الواحد منهم يدخل سيناء والتوراة على ركبتيه، بل عندما دخل جنود اليهود سيناء كانوا يقبلون تراب سيناء! فهل نصر الله رخيص إلى هذه الدرجة؟! وهل الملائكة تقاتل مع أناس لا يعرفون الله، وإنما يعرفون شادية وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش؟! وهل هؤلاء يستحقون أن تتنزل الملائكة عليهم ويتنزل نصر الله عليهم؟! ولقد زارنا في الكويت الشيخ محمد يونس من أفغانستان من المجاهدين فقال: همنا الأول أن نحارب الفساد في أنفسنا، وأن نحسن صلتنا بالله سبحانه وتعالى؛ لأننا نرجو من الله ما لا نرجوه بأسلحتنا، وما لا نرجوه بأسلحة أمريكا وفرنسا.
وقد حصلت مقابلة في التلفزيون الفرنسي مع مراسل صحفي زار أفغانستان وشهد معركة، فقالوا له: ماذا رأيت؟ فقال: رأيت شيئاً لن تصدقونني فيه، لقد رأيت الطائرات الروسية تضرب معاقل الفدائيين، فكنت أرى طيوراً تأخذ هذه القنابل فتبعدها فتنفجر بعيداً عن مرابط الفدائيين أو المقاتلين المسلمين المجاهدين.
ولم يصدقه الفرنسيون؛ لأنهم لا يفهمون مثل هذه الأمور ولا يصدقونها.
ونحن نعلم أن المسلمين إذا جاهدوا في سبيل الله سبحانه وتعالى فسينصرهم الله ويؤيدهم، فلله جنود السماوات والأرض، وبيده الأمر كله سبحانه وتعالى.