Q هناك بعض الجماعات الإسلامية لا تتعرض لقضية الجهاد في الوقت الحالي مع العلم بجهدها الصادق في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وترى أن الحكمة تقتضي ذلك، وأنه سيكون هناك يوم يدعى فيه للجهاد، فهل تعتبر هذه الجماعة معطلة لشرع الله؟ وهل هناك إثم في اتباعها وبذل الجهد معها؟
صلى الله عليه وسلم هذا يمكن أن يكون في أفراد، ويمكن أن يكون في جماعة، والتاريخ الإسلامي يدل على ذلك حتى في ظل الدولة الإسلامية، فأحد العلماء كان مشهوراً في مكة بعابد الحرمين، يعلم الناس العلم، وزميله في العلم كان عالماً كبيراً وقائداً في الميدان العسكري، فأرسل له القصيدة المعروفة: يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك في العبادة تلعب فهذا حبب إليه الجهاد، وهذا حبب إليه العلم، ما ذم الإسلام هذا ومدح هذا، ولا ذم هذا ومدح هذا، أحياناً تضع العالم في ميدان الجهاد ويكون ضعيفاً، ولو تركته في ميدان العلم فإنه يخرج لك أجيالاً، لكنه ضعيف لا يستطيع أن يقاتل.
مثلاً: شيخ الإسلام ابن تيمية عالم كبير، فإذا نزل إلى ميدان الحرب والقتال يكون أسداً هصوراً، يبث الروح الجهادية في كل الأمة، وهذا شيء طيب، ويوجد إنسان يصلح للجهاد فقط، وآخر للعلم، وآخر يستطيع أن يجمع بين العلم والجهاد، فإذا اتجه مجموعة من الأمة إلى العلم وما خذلوا عن الجهاد، فلا بأس، لكن هناك أناس يرون أنه ليس هناك جهاد! يقولون: اترك القتال، اترك الجهاد، فمنهجهم التخذيل عن الجهاد، فهذا غلط، لكن لو قال: نحن فئة من الناس نستطيع أن نصحح العقائد، ونعلم الأمة الشريعة، والعقيدة، ونذكر، ونريد أولاً أن نحيي الأمة حتى تفيق، فلا بأس بهذا، لكن لا يقول للذي يجاهد: أنت على خطأ! كذلك على المجاهدين، لا ينكروا على العلماء.
ثم هناك ظروف ينبغي أن تتحول الأمة كلها إلى الجهاد، وأحياناً تكون المعركة فيها من المسلمين ما يكفي، فينبغي أن يتحول المسلمون الآخرون إلى أمور أخرى.
فعلينا أن نوسع آفاقنا، ولا تكون بهذا الضيق، وفي وقتنا الحاضر لا شك أن الأمة ينبغي أن تتجه إلى الجهاد فأوضاعها مقلوبة في ديار المسلمين، لكن قد لا يستطيع الإنسان أن يجد المجال الذي يجاهد فيه، لأن المسلمين مقيدون، يمنعون من الجهاد من هنا وهناك، ولكن مع ذلك لو أن إنساناً قال: لا بد أن أجاهد، ولا بد أن أذهب إلى بلاد الأفغان، أو إلى فلسطين، فنقول: جزاك الله خيراً، وباب الجهاد ليس مغلقاً، حتى لو لم يكن منه إلا أنه أفزع الكفار.