قرأت اليوم في بعض الصحف أن مزاداً عقد في الكويت بيعت فيه حمامة واحدة بثمانية آلاف دينار، من هؤلاء الذين يعشقون الحمام، يشتري الواحد حمامة ويبذل آلافاً من الدنانير تعيش مئات من الأسر، لا أقول: عشرات، بل في بعض البلاد يحتاجون إلى دراهم يقيمون بها أصلابهم.
نفقة الشخص الواحد في باكستان في اليوم أقل من مائة فلس، تكفيه لطعامه وشرابه، فلا يجد مائة فلس، وهذا ينفق على حمامة واحدة ثمانية آلاف دينار.
أي اهتمام هذا؟! وأي نفسية هذه في هذا العصر الذي ركبنا فيه أعداء الإسلام، والذي أصبحت ديار المسلمين فيه مباحة، يتصرفون فيها كما يتصرفون في أموالهم؟! تأتي اهتمامات المسلمين في أسفل سافلين، كان المسلم عندما يقال له: أنفق في سبيل الله، إذا بالأثرياء يتسابقون، عثمان بن عفان في غزوة العسرة يعطي من ماله مائة راحلة، يجهزها تجهيزاً كاملاً بكل ما عليها، فيقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم) أي: لا يضره شيء فعله بعد اليوم.
عندما يبايع الرسول صلى الله عليه وسلم الأنصار في بيعة العقبة الثانية يشترط عليهم لربه ولدينه ولنفسه، فيقولون: فما لنا إن وفينا يا رسول الله؟! فيقول: الجنة، هذا هو الذي لكم.
اهتمامات المسلمين كانت بالعلم والجهاد في سبيل الله، وبأن يحققوا أوامر الله تبارك وتعالى في أنفسهم وأموالهم، ثم يبذلون من الوسائل في سبيل هذا ما يملكون وما يستطيعون.
وهنا صور من اهتمامات غريبة تظهر في ديار المسلمين، هذا المد الكفري الذي يأتينا وافداً من هنا وهنا وبسبب ضعف اتصال المسلمين بدينهم، في عالم الغرب تحفة أثرية تصل قيمتها لا أقول: إلى مئات الآلاف، بل إلى الملايين، لوحة تعلق في الحائط، عندما يوجد طابع قديم مضى عليه خمسون، أو ستون سنة يباع بمئات الآلاف من الدولارات، بل قد يصل إلى الملايين.
الممثلة أو الممثل دقيقته في بعض الأحيان عندما يظهر في مسلسل أو في التلفاز في السينما تبلغ إلى مئات الآلاف من الدولارات، وقد تصل إلى الملايين، إنها اهتمامات غريبة، هؤلاء أهل الدنيا هذه جنتهم ونارهم، لكن ما بال المسلمين يفعلون فعلهم؟! ما بال المسلمين تنخفض اهتماماتهم حتى تصبح في الحضيض؟! ألا يذكر المسلم أنه سيقف بين يدي الله؟! بالله عليكم هذا الذي دفع ثمانية آلاف، عندما يأتي في يوم القيامة سيسأله ربه: أين ذهبت هذه الثمانية الآلاف؟ سيقول: يا رب! اشتريت بها حمامة، أيقبل ربه منه؟! الله تبارك وتعالى يقبل أن يبذل ثمناً عظيماً في أمر تافه؟! ما هو أجره لو بذله في حرب وقتال؟ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بناقة مخطومة فقال: (يا رسول الله! خذها في سبيل الله، قال: لك بها سبعمائة ناقة مخطومة في الجنة).
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع).
ومنها: (وماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟) من أين جئت بهذا المال؟ أجئت به من حلال أم حرام؟ فيم أنفقت هذا المال؟ أنفقته في حلال أم في حرام؟ هل تصرفت به وفق الضوابط الشرعية أم وفق الأهواء النفسية؟!