الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، محمد عبد الله ورسوله، وبعد: فإن هذا الذي نشاهده من عودة الإسلام إلى النفوس سينشىء أجيالاً، وينشئ رجالاً، وينشئ قادة، فإذا كثر الغرس الطيب كان من بين الغرس الطيب غراس مثمرة معطاءة، وكان من هذا الثمر الطيب ثمار تسر الناظرين.
فمن هذه الأجيال يتخرج العلماء، ويتخرج القادة، ويتخرج رجال الفكر، ويكون في ديار المسلمين خير كثير، وإنما الخطر كل الخطر أن تكون الأرض جرداء ليس فيها نبتة ولا شجرة، وأما إذا ما كانت الأرض خصبة ونزل عليها المطر، وتشققت بالنبات، ثم ظهر غرسها فعند ذلك نؤمل خيراً كثيراً، وعند ذلك يحقق الله تبارك وتعالى لعباده خيراً كثيراً، وهذه سنة الله في هذا الدين، فتجتمع على أهله الأمم، وتوجه إليه المؤامرات، ولكن ما بالكم بمعركة يدير دفتها رب العالمين، مالك الملك القادر على كل شيء، القهار الغالب الذي له ملك السماوات والأرض، والذي له جنود السماوات والأرض، فيا ليت شعري ماذا يملك العباد؟!! إن العباد لا يستطيعون شيئاً، وانظروا كيف عانت الدولة العظمى منذ أيام من لفحة برد أصابها بها رب العزة، ولو زادت وطالت قليلاً لكلفت هذه الدولة تكاليف رهيبة، إن لله جنوداً لا نعرفهم، والبرد واحد من هذه الجنود، والحر واحد من هذه الجنود، فهو سبحانه قادر أن يزلزل العباد، وأن يقصف بهم من فوقهم، وأن يميد بهم الأرض من تحتهم، إنه قادر على أن يرسل عليهم ما يشاء من العذاب فإذا بهم لا يستطيعون شيئاً.
إن الله تبارك وتعالى يريد من أوليائه وأحبابه والذين ينتسبون إليه أن يجاهدوا في سبيله، فينصر الله تبارك وتعالى بهم الدين، ويعز بهم ملة الإسلام، ويعز بهم أنفسهم، ثم يكونوا قادة وسادة، وإلا فالله قوي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.
وما هذا الخير الذي بدأت الدول الكبرى تخافه، وبدأت يهود توجه أنظارها إليه ما هو إلا شيء من هذه العودة الطيبة إلى الإسلام، والتي تنادي بالإسلام، وما هذا إلا هداية وتوفيق من الله عز وجل، وطوبى للذين يكونون في هذه المرحلة جنوداً ينشرون الإسلام، ويعملون للإسلام، ويؤصلون الإسلام، ويبينون التوحيد، وينشئون أجيالاً، ينشئون رجالاً، ينشئون أمة، فهؤلاء هم الأسس التي يقوم عليها البناء، وأجرهم عند الله تبارك وتعالى كبير.
اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وكفر عنا سيئاتنا، وألهمنا رشدنا.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك قريب مجيب الدعوات.