هذا سائل يقول: إن عدد المفتين الذين يفتون في قضية واحدة كثيرون، وتختلف أقوالهم في تلك القضية، ويحتار أحدنا أي فتوى يقدم أو يقوم بأخذها؟

الخلاف موجود من عهد الصحابة إلى يومنا هذا، ولن ينقطع في كثير من المسائل، والخلاف مرده إلى بلوغ الدليل لبعض الناس دون بعض، فالذي بلغه الدليل يفتي بمضمونه، والذي لم يبلغه يفتي بما عنده قبل ورود الدليل.

قد يبلغ الدليل ويختلف العلماء في ثبوته، فمن ثبت عنده أفتى بمقتضاه، ومن لم يثبت عنده أفتى بخلافه، قد يبلغ الدليل للأطراف كلها، ويبلغ بعض العلماء المخصص أو المقيد ولم يبلغ الآخرين، فيعمل به بعضهم على إطلاقه، ومن بلغه المقيد يعمل بالمقيد.

الفهوم، الفهوم تختلف، القواعد التي أخذت من عمومات الشريعة تختلف من عالم إلى عالم، الفهوم قد يستدل العالم بدليل ويستدل مخالفه بنفس الدليل، بنفس الدليل الفهم يختلف، وكلهم مأجور، لكن الذي يصيب الحق له أجران، والذي يخطئ الحق له أجر واحد، كلهم مجتهدون وأهل للاجتهاد، ولا يعني هذا أن كل إنسان له النظر في الأدلة، لا، الذي ينظر في الأدلة من له أهلية الاجتهاد.

أما ما يشاع في بعض القنوات أو في بعض الصحف أنهم رجال وِأئمة هذه الأمة وسلفها رجال، نفهم مثل ما يفهمون، هذا الكلام ليس بصحيح، لا بد أن يكون الفهم مضبوط، فهم من يحسن التعامل مع النصوص، من يفهم الحقائق اللغوية والشرعية والعرفية ويوازن بينها، إذا سئل شخص وقال: هذا شخص عنده الملايين في البنوك ويكاد أن يموت من الجوع مقتر على نفسه وعلى من تحت يده تحل له الزكاة أو لا تحل؟ الذي لا يعرف يفرق بين الحقائق يقول: تحل له الزكاة؛ لأن الله -جل وعلا- يقول: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ* لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [(24 - 25) سورة المعارج] وهذا محروم، لا يا أخي، هذه وأن كانت حقيقة عرفية بين الناس لكنها ليست هي الحقيقة الشرعية، الحقيقة الشرعية السائل الذي يأتي للناس ويسألهم، المحروم الذي لا يسأل، فلا يعرف ولا يدرى به، ولا يفطن له، مثل هذا إذا عُرف بأي طريقة من الطرق هذا يحرص عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015