وهل الورع من أجل أن يحمل الناس عليه أو من أجل أن يكف نفسه عن الفتوى التي لا يتبينها؟ السلف يتورعون عن الفتوى، ويتدافعون الفتيا، وقد يرد، يقدم من العراق أو من خراسان أو من أقاصي الدنيا إلى المدينة أو مكة وبعد لأي وجهد جهيد يجد من يفتيه، والصحابة متوافرون، والتابعون لهم كذلك، كل واحد يقول: اذهب إلى فلان، اذهب إلى فلان، يأتي السائل من العراق يسأل ابن عمر فيقول: اذهب إلى ابن عباس، فيقول: ابن عباس مالت به الدنيا ومال بها، يعني توسع في أمور الدنيا بخلاف ابن عمر، يعني توسع ابن عباس في حدود المباح -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، ابن عمر لا تورع عن كثير من الأمور، وبهذا نعرف قيمة العالم العابد حتى عند عوام الناس، الذي ينجمع على آخرته وقد يغفل عن كثير من أمور دنياه؛ لأن مثل هذا بغض النظر عن ابن عباس، ابن عباس حبر الأمة، وترجمان القرآن، لا يستطيع أحد أن يتطاول عليه، لكن هذا الحاصل، القصة في الصحيح، اذهب إلى ابن عباس، قال: ابن عباس مالت به الدنيا ومال بها، فهو يريد مثل ابن عمر في ورعه وانكفافه وانجماعه، فالعالم الرباني عليه أن ينظر إلى آخرته، وليس معنى هذا أن يحرم نفسه، ويحرم من تحت يده، بحيث يتكففون الناس، لا، لكن يتوسط في أمرهم، لا يكون جمعه لدنياه، وحرصه على دنياه على حساب دينه.

. . . . . . . . . ... ما لم يضف للعلم والدين الورع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015