يعني المسألة في شخص حمل العلم، يعني على رأي ابن عبد البر هو عدل، يعني وجدنا من يحمل العلم وهو غير عدل، وهو غير ثقة، إذاً نعكس كل من عمل بعلمه .. ، أو كل من عمل فهو عالم، أقرب إلى قول: كل من علم فهو عدل، كل عدل عالم، ولا عكس، ولذا يقول: لكن خولفا، يعني ابن عبد البر خالفه أهل العلم؛ لأنه وجد بين ظهراني الناس من يحمل العلم وهو في الحقيقة غير عدل، خولف، والحديث مختلف في ثبوته، وممن أثبته الإمام أحمد -رحمه الله تعالى-، كثير من أهل العلم يضعفوه، إذا عرفنا هذا وأن ما يحمله الفساق ليس بعلم، وأن الفاسق ليس بعالم نأتي إلى من تصدى على مر العصور من عصر الصحابة إلى يومنا هذا للتعليم، حمل العلم بالطرق المعتبرة عند أهل العلم، وعلى الجادة المعروفة عندهم، وعلم الناس، وقضى بينهم، وأفتاهم، وبين ما يجوز وما لا يجوز، هذا هو العالم الحقيقي، هذا هو العالم الذي يقتدى به، فإذا بين للناس ما نزل إليهم، وأخبرهم عن الأحكام وبين لهم الحلال والحرام هذا يسمى في العرف العلمي والاصطلاح مفتي، إذا كان يبين للناس من غير إلزام، وإذا كان يبين للناس مع الإلزام فهو قاضي.
الفتوى الإخبار عن الله -جل وعلا-، وعمدتها الكتاب والسنة، يعني ما جاء عن الله، وجاء ما يدل على اعتماد القياس عند جماهير أهل العلم، ولهذا القول دلائله من الكتاب والسنة، مما لا نطيل بذكره.
المفتي مخبر عن الله -جل وعلا-، موقع عنه تعالى، ولذا ابن القيم -رحمه الله تعالى- سمى كتابه: (إعلام الموقعين عن رب العالمين) وبعضهم يضبطه (أعلام الموقعين عن رب العالمين) ويقصد بذلك المفتين، هم الذين يوقعون عن الله -جل وعلا-، وسواءً قلنا: إعلام وهو إخبار بمضمون هذا الكتاب، أو قلنا: أعلام لأنه ذكر من الأعلام الذين تولوا الفتوى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وهم أعلام، أئمة أعلام، وسواءً هذا أو ذاك فالموقعون هم المفتون عن الله -جل وعلا-.
المفتي لا يتبع في فتواه حتى يجمع ويضم إلى العلم الدين والورع.
وليس في فتواه مفت متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع