وفيه بشارة بتسهيل العلم على طالبه؛ لأن طلبه من الطرق الموصلة إليه، ((سهل الله له طريقاً إلى الجنة)) ومن الطرق الموصلة إلى الجنة تعلم العلم الشرعي والعمل به، وأعظم من ذلك ما جاء في قول الله -جل وعلا-: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ} [(17) سورة القمر] لكن هل من متمني يتمنى أن يحفظ القرآن؟ يتمنى أن يكون القرآن على لسانه، وعلى أسلة بنانه، يتمنى أن يكون مردداً للقرآن صبحاً وممساً ومهجعاً،. . . . . . . . . بالأماني لا؛ لأنه قال: {فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(17) سورة القمر] أما الذي يتمنى ما يحصل له شيء.
وقال الإمام البخاري: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء} [(28) سورة فاطر] من الذي يخاف من الله -جل وعلا-؟ من علم قدرة الله -جل وعلا- وسلطانه وهم العلماء، قاله ابن عباس: الذين يخشون الله -جل وعلا- هم الذين عرفوا قدرة الله -جل وعلا- وسلطانه، ومن كان بالله أعرف كان منه أخوف، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول عن نفسه بأنه أعلم الخلق بربه: ((إنما أنا أخشاكم وأتقاكم لله -جل وعلا-)) -عليه الصلاة والسلام-، ثم قال الإمام البخاري: {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [(43) سورة العنكبوت] يعني: الأمثال، الأمثال المضروبة ما يعقلها إلا العالمون، وهو نوع عظيم، وباب مهم من أهم أبواب العلم معرفة الأمثال التي ضربها الله -جل وعلا- في كتابه، وضربها نبيه -عليه الصلاة والسلام- في سنته، وإذا كان الإنسان لا يعقل ولا يفقه ولا يفهم هذه الأمثال فليراجع نفسه، وإن ادعى أنه من أهل العلم، وإن قيل عنه: إنه من أهل العلم؛ لأن الأسلوب حصر، {وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ} [(43) سورة العنكبوت] لأن الذي لا يعقلها ليس من أهل العلم.