قال إلكيا الطبري الهراسي، وله كتاب في أحكام القرآن مطبوع ومعروف، فعلينا تعليم أولادنا، وأهلينا الدين والخير، وما لا يستغنى عنه من الأدب، وهو قوله تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [(132) سورة طه] ونحو قوله تعالى لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [(214) سورة الشعراء] لا شك أن أولى الناس بالبر النفس، ثم الأقرب فالأقرب، قد يقول قائل: إننا نشاهد كثير من أهل العلم لهم عناية شديدة بالتعليم، تعليم الناس العلم، ونذروا أنفسهم لهذا الأمر، وهذا ديدنهم وشأنهم؛ لكن هل يقدمون لأهليهم وأولادهم مثل ما يقدمونه للناس؟ قد يقول قائل هذا الكلام؛ لأننا نشاهد من الكبار من هو مشغول بوظيفته ثلث الوقت مثلاً، وعنده دروس لعموم الناس، وعنده لقاءات تأخذ عليه جل وقته، وعنده أيضاً اجتماعات ولجان فماذا أعد لأهله وولده؟ وقد أمر بأن يقيهم من النار، هل قدم لأهله وولده شيء أو لم يقدم؟ يعني فيما يبدو للناس ويظهر لهم أنه مشغول عن ولده وأهله؛ لكن هل معنى هذا أن أهله لم يستفيدوا منه، وهل معنى هذا أنه لم يبذل جهده، ويستفرغ وسعه في نفع أهله وولده حتى وصل إلى حد إما أن يستفيدوا منه أو ييأس منهم؟ وقد يحصل هذا أو هذا؛ لكن مع هذا على الإنسان أن لا ييأس هل من لازم التقديم للأهل والولد أن يستجيب الأهل والولد؟ هل إذا رأينا العالم ظهرت عليه علامات الصدق والإخلاص في تعليمه للناس هل من لازم ذلك أن يظهر الأثر على أهله وولده أو يتهم أنه ما بذل لهم شيء؟ هل من لازم ذلك؟ لا ليس بلازم ذلك، بل من الأنبياء -صلوات الله وسلامه عليهم- من لم يستطع أن يهدي زوجته وولده، أعني هداية التوفيق والقبول، والله -جل وعلا- يقول في حق نبيه أشرف الخلق: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء} [(56) سورة القصص] بعض الناس يستدل على إهمال بعض العلماء لأهليهم وأولادهم أن أهليهم وأولادهم ما استفادوا منه، بدليل أن واقعهم يخالف ذلك؛ لكن هذا الكلام ليس بصحيح {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015