في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قام من الليل، وصلى ما شاء الله أن يصلي، وقال: ((أيقظوا صواحب الحجر، فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)) ولا شك أن هذا من وقاية الأهلين من النار، والتعليم كما يكون بالقول يكون بالفعل، وهذا منه، هذا تعليم وما حفظت صلاته -عليه الصلاة والسلام- وما بلغت هذه الأمة من أولها إلى آخرها إلا بسبر أفعاله -عليه الصلاة والسلام- امتثالاً لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وعائشة -رضي الله عنها- حفظت من صلاته ما حفظت، وابن عباس حفظ من صلاته ما حفظ، ورووها وعملوا بها، وعملت بها الأمة من بعدهم، وكل هذا من الوقاية للنفس والأهل من النار، يقول القرطبي: ويدخل هذا في عموم قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى} [(2) سورة المائدة] يقول: وذكر القشيري أن عمر -رضي الله تعالى عنه- قال لما نزلت هذه الآية قال: يا رسول الله نقي أنفسنا فكيف لنا بأهلينا؟ يعني يستطيع الإنسان بتوفيق الله -جل وعلا- أن يقي نفسه فيعمل بالواجبات، ويترك المحرمات، لكن ماذا عن الأهلين؟ الإنسان إذا ملك نفسه لا يستطيع أن يملك غيره فقال: تنهوهم عما نهاكم الله عنه، وتأمرونهم بما أمركم الله به، تقونهم بالأمر والنهي، وقال مقاتل: ذلك حق عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه، ذلك حق يعني الوقاية من النار حق عليه في نفسه وولده وأهله وعبيده وإمائه، يعني جميع من تحت يديه جميع من استرعاه الله عليهم عليه أن يقيهم من عذاب الله -جل وعلا-، الذي جاء في وصفه ما جاء وقودها الناس والحجارة، يعني النار فضلت على نار الدنيا بتسعة وستين جزءاً، يعني نار الدنيا جزء من سبعين جزء ووقودها الناس، وضمن لها ملؤها، وقال الصحابة: وإن كانت لكافية يا رسول الله؟! قال: ((لكنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءاً)) فالأمر مهول، والخطر جسيم، فعلى المسلم أن يعد العدة ليقي نفسه، ويقي من تحت يده من النار.