فإذا نظرنا إلى أن الرازي والنووي كلاهما يتبعان أبا الحسن الأشعري، لكن هل نعامل النووي مثل نعامل الرازي؟ النووي في حكم العامي في باب العقائد، لكن الرازي منظر، منظر لمذهب الأشعرية ولغيره –بعد- من الأقوال الردئية مثل القول بالجبر ويورد في كتابه شبه لا يمكن أن يستطيع هو أن يردها، فهل نعامل النووي مثلما نعامل الرازي؟ لا، العدل والإنصاف مطلوب {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} [(8) سورة المائدة] النووي أشعري، ومن هذه الحيثية ليس من أهل السنة، لكن مع ذلك {لاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} لكن النووي عنده محاسن عنده خدمة للسنة، وعنده عمل، وعنده زهد في الدنيا، وعنده إقبال على الآخرة، وعنده تعظيم لشرع الله -جل وعلا-.
الرازي رمي بالعظائم، إن ثبت عنه كتاب السر المكتوم موضوعه سحر طلاسم وتعلق بالنجوم هذا مسلك خطير جداً، قد يقال بردته إن ثبت عنه هذا الكتاب، على كل حال هذا أشعري وهذا أشعري، لكن تختلف معاملتنا لهذا عن هذا.
يبقى أن شيخ الإسلام الإمام المجدد -رحمه الله تعالى- سئل عمن يطوفون بالقبور، جاءه سؤال من بلد أهلها يطوفون بالقبور فحكم بكفرهم، ثم جاءه سؤال آخر -نفس الصيغة- فعذرهم، وقال: لا يُكفرون مثل هؤلاء، والسبب في ذلك، أنه نظر إلى حال هؤلاء وأن الحجة بلغتهم وأنه لا عذر لهم، ونظر إلى حال الآخرين، فرأى أن الحجة لم تبلغهم، فهل يعامل هذا مثل هذا؟ لا، لا يعامل هذا مثل هذا، لأن بلوغ الحجة شرط في إقامة الحكم.
هؤلاء الذين قسموا البدع إلى بدع مستحسنة وبدع قبيحة، أقوى ما عندهم مما يمكن أن يعتمد عليه قول عمر -رضي الله تعالى عنه- في صلاة التراويح: "نعمت البدعة"، عمر -رضي الله تعالى عنه- جمع الناس في صلاة التراويح على إمام واحد، فخرج إليهم في ليلة من الليالي فوجدهم يصلون مجتمعين فقال: "نعمة البدعة هذه" والتي ينامون عنها خير منها، يعني صلاة آخر الليل أفضل من صلاة أول الليل، فسماها بدعة ومدحها، إذن في البدعة ما يقال فيه: نعم، ونعم للمدح، إذن في البدع ما يمدح، هذا أقوى ما يعتمدون عليه.