جاء في الحديث الصحيح المتفق عليه: ((رأيت كأني أسجد في صبيحتها على ماء وطين فوكف المسجد ليلة إحدى وعشرين ورؤي الطين في وجهه -عليه الصلاة والسلام- صبيحة إحدى وعشرين)) ومع ذلك يقول في الحديث الصحيح ((أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر)) فصح الحديث في إحدى وعشرين إذاً هي تنتقل قد تكون ليلة إحدى وعشرين، وقد تكون ليلة ثلاث، والأوتار آكد وأرجى؛ لكن في السبع الأواخر، سابعة تبقى، خامسة تبقى، سابعة تبقى إذا كان الشهر كامل، ليلة أربعة وعشرين وهي المرجحة عند أهل البصرة عند أنس بن مالك والحسن البصري، وكل هذا من أجل إيش؟ أن يجتهد المسلم ويتعرض لنفحات الله -جل وعلا-، ويري الله -جل وعلا- من نفسه خيراً خلال هذه العشر كلها، وإلا المؤيد بالوحي -عليه الصلاة والسلام- بإمكانه أن يحددها بليلة محددة، وإن كان أراد النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يحددها ويبينها نعم فتلاحا رجلان فرفعت، يعني رفع تحديدها.

ولذا يخطئ بعض من يشيع من خلال الرسائل أو المكالمات أن ليلة القدر في هذه السنة هي ليلة كذا الحكمة من إخفائها تزول بمثل هذه التصرفات، ولو كانت الحكمة في تحديدها لحددت، حددت من قبل الشارع المؤيد بالوحي، لكن الحكمة من إخفائها كالحكمة من إخفاء ساعة الجمعة من أجل أن يكثر العمل في حياة المسلم.

هذه الليالي العشر الذي هي أفضل ليالي العام يحرص الإنسان أن يحفظ نفسه فيها، ويضبط أموره، ولا يفرط في هذه الليالي، فشرع الاعتكاف لحفظ هذه الأيام وحفظ هذه الليالي.

والاعتكاف أصله طول المكث والبقاء ولزوم المكان، وهو في الشرع: لزوم مسجد لطاعة الله -عز وجل-.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015