ولا شك أن العمل هو الذي يثبت العلم، ولذا لو سألت شخصاً يبلغ من العمر خمسين سنة مثلاً، وسألته عن المناسك وقد حج في أول عمره، ما تجده يدرك من أحكام المناسك إلا الشيء اليسير، لكنه يدرك أحكام الصلاة، لا سيما إذا كان لديه أهلية، ومن أهل العلم من أخطأ في كثير من أحكام المناسك؛ لأنه لم يحج، ومنهم من حج بعد تأليفه في المناسك فأحرق ما ألفه؛ لأنه لم يعمل بهذا العلم، ثم لما عمل استنار له الطريق، واتضح له الحق.
وعن الحسن -رضي الله عنه- قال: "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني"، يعني الإنسان يدعي ويتشبع ويتصنع لكن هذا لا يكفي "ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال".
وعن جندب بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج، يضيء للناس ويحرق نفسه)) والحديث لا بأس به جيد.
((مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج، يضيء للناس ويحرق نفسه)) والنصوص في هذا كثيرة جداً.
ولو لم يكن إلا حديث الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار يوم القيامة، وفيهم العالم الذي يعلم الناس، أفنى عمره في العلم والتعليم، ثم بعد ذلك في النهاية يكون من أول من تسعر بهم النار، وإنما يعلم ليقال: عالم، نسأل الله السلامة والعافية.
فالإخلاص لله -جل وعلا- في العلم أمرٌ لا بد منه، بل هو من أول شروطه، فالعلم من أمور الآخرة المحضة، التي لا تقبل التشريك، وإذا قلنا العلم فالمراد به العلم بالكتاب والسنة، وما يعين على فهم الكتاب والسنة.
مسألة الإكثار من العبادة: