قبل مائة عام، قبل أن يتسلط الاستعمار على المسلمين، هو المعمول به في جميع أقطار المسلمين تغطية الوجه، ثم يأتي من ينازع، ويقول: الوجه فيه خلاف مثل هذا الخلاف لا يلتفت إليه.

الخروج من الخلاف:

بعض العلماء يستحب الخروج من الخلاف، يرى استحباب الخروج من الخلاف، فإذا قال عالم: هذا الأمر محرم، وقال آخر: جائز، يقول: اترك هذا العمل خروجاً من الخلاف، وكثيراً ما يعللون بأن حكم هذه المسألة كذا، خروجاً من الخلاف، كيف خروجاً من الخلاف؟ هل الخروج من الخلاف دليل من الأدلة؟ لا، لكن دليل المخالف الذي لم يترجح لمخالفه يتركه المخالف من أجل دليله خشية أن يكون راجحاً، ولا سيما أنه إذا عمل به لا يعارض معه دليل صحيح صريح، التحري والاحتياط، التحري والاحتياط بعض الناس يقول نفعل هذا احتياطاً، في بعض المسائل لا يمكن الاحتياط فيها، طيب رضاع مشكوك فيه، قالت امرأة والله أنا رضعت فلانة، لكن لا أدري أنا رضعتها مرتين أو ثلاث أو خمس؟ هذا يمكن الاحتياط لا يتزوجها من له صلة بهذه المرأة، ومع ذلك لا تكشف له مراعاة لطرفي المسألة، وهذا يمكن فيه الاحتياط، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: ((هو لك يا عبد بن زمعة، واحتجبي يا زمعة)) نعم، احتياط، لكن إذا أدى الاحتياط إلى ترك مأمور أو فعل محظور فشيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- يقول: "الاحتياط في ترك هذا الاحتياط".

هناك مسائل متعلقة بموقف القاضي والمفتي من مسائل الخلاف، القاضي حضر عنده خصوم يتبعون لإمام أنت تخالفه في مسألة الخصومة، زوج وزوجة على مذهب أبي حنيفة تزوجوا من غير ولي وأنت عاقد أتوا لتثبت هذا الزواج، وأنت ترى أن الولي شرط، تثبت أو ما تثبت؟ هم يتبعون لإمام معتبر تبرأ الذمة بتقليده، لكن أنت أيضاً تدين الله -جل وعلا- بما ترجح عندك في مثل هذا تلزمهم الولي، ولا تصحح هذا العقد إلا به، ولهذا يشترط الحنابلة والشافعية أن يكون القاضي مجتهداً، لئلا يضطرب ويتذبذب في مثل هذه المسائل والقضايا، ليحكم بمجرد مقتضى اجتهاده، وهو قول المالكية، وعند الحنفية يجوز أن يكون مقلداً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015