فالجنان سبع، إذا عرفنا هذا فمما يتعلق بالجنة من المسائل العلمية الجنة التي أسكنها الله -جل وعلا- آدم، {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} [سورة البقرة: 35]، سكنها مدة ثم حصل ما حصل من الأكل من الشجرة، ثم عوقب بإهباطه إلى الأرض، هذه الجنة هل هي جنة الخلد؟ أو جنة في الأرض؟ كلام طويل لأهل العلم، يعني أفاض العلامة ابن القيم -رحمة الله عليه- في أوائل مفتاح دار السعادة، وأيضاً في حادي الأرواح، أفاض في ذكر الأقوال والأدلة التي يستدل بها كل طرف ممن يقول: إنها هي جنة الخلد، أو يقول: إنها جنة أخرى في ربوة ومرتفع من الأرض.
يقول الله -جل وعلا-: {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ* فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [سورة البقرة: 35 - 36].
يقول الحافظ بن كثير -رحمه الله- تعالى: "وقد اختلف في الجنة التي أُسكنها آدم أهي في السماء أم في الأرض؟ فالأكثرون على الأول".
قد يقول قائل: هذا الخلاف الذي أطال العلماء في بحثه وتقريره والاستدلال له، هل يترتب عليه فائدة عملية أو لا؟ يعني تضييع الوقت في مثل هذه المسائل هل يترتب عليها فائدة وإلا ما يترتب عليها فائدة؟ وهل يلزم من كل مسألة تبحث أن يكون لها فائدة عملية وثمرة للخلاف؟ أو أن هناك من المسائل العقدية العلمية التي لا يلزم أن يكون هناك لها أثر عملي مرئي؟ هذه من المسائل التي بحثت في كتب أهل العلم سواءً كانت في التفاسير، أو في كتب العقائد، أو غيرها على كل حال هي مسألة معروفة عند أهل العلم ومقررة والخلاف فيها طويل.
يقول الحافظ بن كثير -رحمه الله- تعالى: "وقد اختلف في الجنة التي أُسكنها آدم أهي في السماء، أو في الأرض؟ فالأكثرون على الأول". فالأكثرون على الأول، -يعني هي التي في السماء-.
وحكى القرطبي عن المعتزلة والقدرية القول "بأنها في الأرض".