ويقول الله -جل وعلا- بالنسبة للحج: {وَاذْكُرُواْ اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى} [(203) سورة البقرة] فهذه العبادات إنما تفعل ابتغاء مرضات الله -جل وعلا- وتقواه، والتقوى هي وصية الله تعالى للأولين والآخرين من سائل الأمم، فعلى الإنسان أن يتقي الله -جل وعلا- بفعل جميع ما أمر به والكف والانتهاء عن جميع ما نهي عنه، وبهذا يصل؛ لأن التقوى هي الزاد الموصل إلى دار القرار مروراً بهذا الحوض الذي من شرب منه لم يظمأ أبداً.
أما بالنسبة لمن يترك الواجبات، ويرتكب ما حرم الله عليه فإن هذا على خطر؛ لأنه لم يحقق الهدف الذي من أجله خلق {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [(56) سورة الذاريات] فالذي يعصي الله -جل وعلا- ولا يأتمر بما أمره به، هذا ما حقق الهدف، بل لا بد من تحقيق ما خلق من أجله، وهو تحقيق العبودية.
هناك سائلة تقول: هل من كان بينه وبين أحد خصومه خصومة، واعتذر أحدهم للآخر، لكنه لم يقبل العذر ذلك الشخص، ولم يسامح، هل ممكن يرد على حوض النبي -صلى الله عليه وسلم-؟
لا شك أن هذه الخصومة إذا تضمنت مظلمة من أحدهما للآخر، أو من كل واحدٍ منهما لصاحبه بحيث تزيد مظلمة أحدهما على الآخر، أما إذا تساوت المظلمتان وتم اقتصاص كل واحدٍ منهما للآخر، فهذه تمحو هذه، لكن يبقى أنه إذا زادت المظلمة من قبل أحدهما على الآخر فإنه لا بد أن يقتص منه لصاحبه، ولا شك أن عدم السماح لمن أتى معتذراً نادماً لا شك أنه حرمان للطرفين، حرمان لهذا الشخص الذي لم يقبل العذر، وما يدري ما عنده الله -جل وعلا- من ثوابٍ له ومحوٍ عن سيئاته بسبب هذا التجاوز، فالله -جل وعلا- خير من تجاوز وعفا، فمن عفا عفي عنه، وأن تعفو أقرب للتقوى، فإذا عفا، عفا الله عنه، وإذا أصر إلا أن يخاصم صاحبه في يوم العرض على الله -جل وعلا- لا شك أنه محروم، حرم نفسه وحرم أخاه.