والناس بأمس الحاجة إلى هذه الجملة؛ لأن الغيبة والكلام في الأعراض والتفكه في أعراض المسلمين صار ديدن لكثير من الناس، ولو قيل: إنه قل أن تسلم منه المحافل، محافل المسلمين واجتماعاتهم قل أن تسلم من هذا، ولا شك أن ما بين العباد من حقوق لا تقبل الغفران؛ لأن هذا من السجل الذي لا يغفر، حقوق العباد مبنية على المشاحة، والمسلم قد يأتي بأعمال أمثال الجبال من صلاة وصيام وحج وجهاد وغيرها، ثم يكون يوم القيامة مفلساً ((أتدرون من المفلس؟ )) قالوا: المفلس من لا درهم له ولا متاع، قال: ((لا، المفلس من يأتي بأعمال)) وفي رواية: ((أمثال الجبال)) ثم ذكر منها ما ذكر، يقول: ((يأتي وقد ظلم هذا، وشتم هذا، وأكل مال هذا، وقذف هذا، وتكلم في عرض هذا، يأخذ هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وهذا من حسناته)) وبعدين إذا انتهت حسناته أخذ من سيئاتهم فوضعت عليه، فكب في النار، وهو في الأصل أنه جاء بأعمال أمثال الجبال، فعلى الإنسان أن يحرص على اكتساب الحسنات، ثم بعد ذلك يحرص على المحافظة على هذه الحسنات، لا يحرص على اكتساب الحسنات ثم يفرق ويوزع هذه الحسنات فيكون مفلساً يوم القيامة.

((ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)) وفي رواية: ((فلا يؤذي جاره)) ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم)) والجملة الثالثة ((فليكرم ضيفه)) وفي هذا أمر بالكرم، والكرم خصلة ممدوحة، يقابله البخل، وأعظم منه الشح، وكلاهما مذموم {وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [(9) سورة الحشر] الشح يقابل الكرم، والبخل أيضاً يقابله، فالكرم خصلة ممدوحة وما يقابله مذموم.

والإكرام يكون للجار كما في هذا الحديث ويكون للضيف ((فليكرم جاره)) وجاء في حق الجار والعناية بشأنه والاهتمام به ما جاء من النصوص، وفي الصحيح: ((ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه)) فالجار شأنه عظيم في الشرع، وجاء في حقه: ((والله لا يؤمن، والله لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه)) يعني غوائله وشروره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015