في فتح الباري {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} [(125) سورة البقرة] أي قبلة، قاله الحسن البصري وغيره، وبه يتم الاستدلال {وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى} أي قبلة هل يراد بالقبلة أنه يتوجه إليه بغض النظر عن الكعبة أو لا بد من أن تكون الكعبة هي القبلة وأن يكون المقام في القبلة؟ يعني في جهة القبلة يكون مصلى أي قبلة، فهل يكفي أن يستقبل المقام دون استقبال البيت؟ لا، لا يكفي إجماعاً؛ لأنه الشرط في صحة الصلاة أن تكون إلى القبلة إلى الكعبة، وكونه قبلة يعني بين المصلي وبين قبلته، قاله الحسن البصري وغيره وبه يتم الاستدلال، وقال مجاهد: أي مدعاً يدعى عنده" مصلى أي مدعى يدعى عنده، فالدعاء عند المقام على هذا له مزية؛ لأن الصلاة أعم من أن تكون لغوية أو شرعية، ولا شك أن هذا جار على رأي من يقول بجواز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه، الذي يقول بجواز استعمال اللفظ في الأمرين ما عنده إشكال في هذا، يقول: نتخذه مصلى نصلي خلفه ركعتين، وندعو خلفه؛ لأن الصلاة أشمل من أن تكون لغوية أو شرعية، وهذا جار على قول من يرى جواز استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي، اللغوي والاصطلاحي.
يعني في أكثر من حقيقة يستعمل، الذي يقول: لا يستعمل اللفظ الواحد في أكثر من معنى، يقول: لا، إما أن تكون الصلاة لغوية أو شرعية؛ لكن إذا دخلت إحدى الحقيقتين في الأخرى هل يمنع من ذلك مانع؟ حتى على قول من يقول أن اللفظ لا يستعمل في معنييه، صلى الركعتين وسجد ودعا في سجوده، نقول: استعمل الحقيقتين؟ هل يمنع مثل هذا أحد؟ ما يمكن أن يمنعه أحد؛ لكن الكلام في الدعاء اللغوي المجرد عن الصلاة.
يقول: وقال مجاهد: أي مدعىً يدعى عنده، ولا يصح حمله على مكان الصلاة؛ لأنه لا يصلى فيه بل عنده، لأنه لا يصلى فيه يعني في المقام نفسه، وإنما يصلى عنده، ويترجح قول الحسن بأنه جار على المعنى الشرعي.