قال الله: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر:1]، هذه السورة افتتحت بالشرط: ((إِذَا جَاءَ)) هذا هو فعل الشرط، وجوابه: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ} [النصر:3].
ومعنى: ((إِذَا جَاءَ))، أي: إذا حصل وتحقق، والنصر: هو الإعانة على الأعداء والتغلب عليهم، وأضيف هذا النصر لله عز وجل لتعظيمه، وللإشعار بأنه نصر عزيز خارق للعادة جاء وفق ترتيب إلهي وإعداد رباني.
الفتح: هو الاستيلاء على بلاد الأعداء ودخولها، وسمي فتحاً: لأنه يكون دخولاً من الباب، كما قال الله عز وجل في قصة موسى مع قومه: {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ} [المائدة:23]، وقد يكون هذا الفتح من خلال اقتحام الثغور وما أشبه ذلك.
قوله سبحانه: {وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا} [النصر:2]، (الناس): اسم جمع يدل على مجموعة من الآدميين.
(ورأيت): الرؤيا ههنا إما أن تكون رؤية علمية، أي: إذا جاءتك الأخبار وتواترت عندك، ويحتمل أن تكون رؤية بصرية لمجيء هؤلاء الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والمراد بقوله سبحانه: ((فِي دِينِ اللَّهِ))، أي: في الإسلام، كما قال سبحانه: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ} [آل عمران:19]، وقال سبحانه: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3].
ومعنى {أَفْوَاجًا} [النصر:2] أي: جماعات وأمماً فوجاً إثر فوج.