يقول الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ} [الفيل:1] ألم تر بمعنى: ألم تعلم نبأ أولئك القوم وما صنع الله بهم، قاله أهل التفسير، فالله عز وجل خاطب نبيه صلى الله عليه وسلم الذي كان يتأذى من طغيان المشركين وسوء أدبهم معه ومع الله، فقال له: يا محمد! أما علمت ما فعلت بـ أبرهة الحبشي، وجنوده الأقوياء وفيله العظيمة، أما هؤلاء المساكين أمثال: العاص بن وائل السهمي، والوليد بن المغيرة المخزومي، وأبي بن خلف الجمحي وعمرو بن هشام وأمثالهم من الهمازين واللمازين فالله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وسلم: لا تحمل هماً، أنا سأنتقم لك منهم، كما انتقمت من أبرهة! لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم على الله من بيت الله، بل المسلم الواحد أكرم على الله، وحرمته أعظم من بيت الله، كما قال عليه الصلاة والسلام حين طاف بالكعبة: (ما أعظمك وأعظم حرمتك، وما أطيبك وأطيب ريحك، والذي نفسي بيده! لحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمتك، دمه وماله وعرضه، وألا يظن به إلا خيراً).
وكلمة الرب في الآية مضافة إلى ضمير المخاطب، فربك الذي يتولاك هو الذي يرعاك، ويكلؤك ويحفظك، ولم يقل الله: ألم تر كيف فعل الله أو ألم تر كيف فعل رب العالمين، أو رب الناس، وإنما قال: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ}، والفيل معروف، لكن المفسرون رحمهم الله ما تركوا شيئاً، فقالوا: إن الفيل حيوان من ذوات الأربع، وهو أضخم من البعير وأعلى منه، وبطنه أكبر، وهو ركوبة وحامل أثقال، ويوجد في البلاد الحارة ذوات الأنهار، كالصين والهند والحبشة والسودان، ويجمع على فِيَلة وفيول وأفيلة، وأنثى الفيل فِيْلة، وهو ضخم وله خرطوم طويل، يعدو به على ما يريد من حيوان، وهو غير مأكول ولحمه حرام؛ لأنه خبيث مستقذر، فهو داخل في عموم قول الله عزل وجل: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف:157].