بدأ ربنا جل جلاله هذه السورة بقوله: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس:1].
فأقسم ربنا جل جلاله بالشمس؛ لأنها من عظيم مخلوقاته، وآية من آياته، كما قال سبحانه: {وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس:37 - 40].
والشمس هي الآية التي حج بها إبراهيم عليه السلام النمرود بن كنعان الطاغية المستبد: {قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة:258].
والله عز وجل يقسم بالشمس لأنها عظيمة في خلقها وأثرها، عظيمة الحرارة والضوء على مر الزمان بلا انتقاص.
يقول العلامة الشيخ عطية رحمه الله في أضواء البيان: قال أهل العلم من أهل الفلك: لو أن الشمس اقتربت من الأرض قليلاً أو ابتعدت عن الأرض قليلاً ما أدت مفعولها ولا وظيفتها؛ فلو ابتعدت قليلاً تجمدت المخلوقات، ولو اقتربت قليلاً احترق العالم.
{ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس:38].
فيقسم الله عز وجل بالشمس وضحاها، وضحى الشمس هو: انتشار لضوئها من حين طلوعها وارتفاعها قدر رمح -فيما يظهر للرائي- إلى قبيل الزوال بربع ساعة تقريباً.
وقال بعض أهل التفسير: الضحى المقصود به هاهنا وفي قوله تعالى: {وَالضُّحَى} [الضحى:1]: الساعة التي خر السحرة فيها ساجدين.
بيانه: {مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى} [طه:59] فأقسم ربنا بالشمس وضحاها.