وعلى ذكر الأحداث التي نجري فيها الآن، والتهيؤ للجهاد في سبيل الله، وأحداث هذه المنطقة أذكر لكم بعض الأبيات، يقولون: سيف الدولة بن حمدان بطل من أبطال المسلمين، كان في حلب، قاتل الروم ما يقارب ستين معركة ودائماً ينتصر، وهذا الذي يقول فيه المتنبي:
وقفت وما في الموت شكٌ لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم
يقول: سبحان الله، والله كأن الموت نائم، وكأنك في جفنه، لأنك شجاع، وأول من يموت الجبان، ولذلك لو بدأت المعركة لمات كثير من الناس بسقطات قلبية، وحملوا إلى المستشفيات، وبعضهم يفر وبينه وبين المعركة ألف ميل {قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} [التوبة:52] فالجبناء يموتون؛ يقول أبو بكر الصديق لـ خالد: [[اطلب الموت توهب لك الحياة]] يقول: دائماً حاول أن تلقي بنفسك في المعارك فلن تموت، بل توهب لك الحياة، خالد بن الوليد خاض مائة معركة وما قتل، مات على فراشه، يقول: يا ليتني مت شهيداً! والله ما في جسمي موطن شبر إلا فيه طعنة برمح، أو ضربة بسيف، أو رمية بسهم في سبيل الله:
تسعون معركة مرت محجلة من بعد عشر بنان الفتح يحصيها
وخالد في سبيل الله مشعلها وخالد في سبيل الله مذكيها
يقول المتنبي في هذا البطل المسلم:
وقفت وما في الموت شك لواقف كأنك في جفن الردى وهو نائم
تمر بك الأبطال كلمى هزيمة ووجهك وضاح وثغرك باسم
يقول: تتبسم في المعركة والأبطال أسارى أمامك وأنت تتبسم، ثم يقول:
نثرتهم فوق الأحيدب نثرة كما نثرت فوق العروس الدراهم
يقول: نثرت الأبطال فوق الصحراء مثلما تنثر الدراهم على العروس، فدعا المتنبي وقال: نريد أن نخرج لغزوة، فأخذ فرسه وقال:
أصرف نفسي كما أشتهي وأملكها والقنا أحمر
أتاني رسولك مستعجلاً فلباه شعري الذي أذخر
ولو كان يوم وغى قاتماً للباه سيفي والأشقر
اسمع إلى الأبيات يقول: أصرف نفسي كما أشتهي، أي: أنا أصرف نفسي مرة في الرخاء ومرة في الشدة، وأملكها والقنا أحمر، السيوف تقطر من الدم، ولا أفر في المعركة.
أتاني رسولك مستعجلا: أتاني رسولك يدعوني إلى القتال معك، فلباه أولاً شعري الذي أذخر (ولو كان يوم وغى قاتماً) أي يوم معركة (للباه سيفي والأشقر) السيف والفرس.