أما السؤال الذي يُوجه لأصحاب السمو والمعالي من أهل الهمم العالية، والعُبَّاد، والزُّهَّاد، وأهل الجهاد، فهذا هو:
قيل لـ ابن عباس: كيف حصلت على هذا العلم؟
قال: [[بتوسد ردائي في القيلولة، والريح تَسُفُّ على وجهي، وتهب عليه من الرمل ومن وهج الصحراء ثلاثين سنة]].
وقيل لـ عطاء -وقد ذكر هذا الذهبي -: [[كيف حصلت على هذا العلم؟ قال: بتوسدي فراشي في المسجد الحرام ثلاثين سنة]].
لا يعرف بيته ثلاثين سنة، وهو يطلب العلم.
وأحدنا يدخل في الكلية سنتين أو ثلاثاً ثم يخرج وهو جاهل، ثم يرى أنه إمام الدنيا، وحافظ العصر، وخاتمة المجددين!! حتى يقول أحدهم:
ودخلت فيها جاهلاً متواضعاً وخرجت منها جاهلاً دكتورا
يقول: كنت في الأول جاهلاً متواضعاً، أُسلِّم على رأس أبي، وأُقبِّل كف أمي، وأجلس مع زملائي، فلما درستُ أربع سنوات، تكبرت مع جهلي فصرت جاهلاً متكبراً أحمل شهادة الدكتوراه.
حتى إن أحدهم هنَّأ أحد الدكاترة وهو يمزح معه فقال:
يا شيخ قد سُمِّيت دكتورا والثور يبقى وإن ألبسته ثَورا
وسامحونا على هذا اللغط الخطابي، فلا بد فيه من المسيرة، وأنا أحترم هذا اللفظ خاصة بعدما أعطيناه وإلا فقد كنا نهاجمه قبل، ونقول عنه: إنه لا يصلح، ويقولون: حامض يا عنب، فلما حصلوا عليه مدحوه.
وقيل للشعبي: بِمَ حصلت على هذا العلم؟
قال: بسهرٍ طَيَّر النوم من عيني، وبسهاد، وبتبكير كتبكير الغراب.