الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد الصادق الأمين.
أما بعد:
أيها الناس! فمن صفات أهل السنة أنهم يتثبتون من الشائعات، على حد قوله سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6] فإذا تبين الخطأ وعرف مَن هو صاحبه، ومَن وراءه، فهو على أحد قسمين:
الأول: إما رجل استتر بخطئه؛ فمنهج أهل السنة أن يردُّوا عليه بخُفية، ولا يشهِّرون به، ولا يفضحونه على رءوس الأشهاد.
الثاني: وإن أشهر خطأه، وأعلن تمرده، كان عليهم لزاماً أن يظهروا ردهم وأن يشهِّروا على الناس جوابهم، وكان لزاماً على أهل السنة ألا يكتموا الردود، ولا يكتموا الدفاع عن منهج الله؛ لقوله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:159 - 160] ويقول سبحانه: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران:187] كان لزاماً على علماء الإسلام ودعاته أن يبينوا ولا يخشون في الله لومة لائم، ويقولوا كلمة الحق فصيحة هادئة ناصعة.
المسألة الثانية: دعاة الصحوة وعلماؤها منضبطون وحكماء، ضبطوا أعصابهم حين لم يستطع الدَّعِيُّ أن يضبط أعصابه، وتحكموا في عقولهم حين لم يستطع العميل أن يتحكم في عقله، وثبتوا في أماكنهم حين لم يستطع المتلبس بالنفاق أن يتحكم في موقعه.