أيضاً أيها الإخوة: مما ذبح به الإسلام إيجاد نخبةٍ مستغربة الفكر، أجنبية العقل، تخلع هالة المعرفة عليها والثقافة والذكاء، وترطن بلغة الأجنبي، وتزعم الذكاء والعبقرية.
وبالمناسبة فإن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في اقتضاء الصراط المستقيم: يرى التكلم باللغة الأجنبية لغير حاجة بين العرب المسلمين علامة من علامات النفاق؛ لكن بالضوابط، ولا تحملوا كلامي على غير محامله، مثلما حمل خطاب الشيخ ابن باز الذي دافع فيه عن الدعاة على غير محله؛ فذهب الناس، وقالوا: ابن باز يرشق الدعاة، ابن باز يرد على الدعاة، ابن باز يحذر من الدعاة، وهو يذب عن الدعاة، وأنا وإخواني من طلبة ومشايخ ممن كانوا حضوراً يعرفون ماذا يريد الشيخ.
فلا تحملوا كلامي على غير محمله، فتنقلوا عني وتقولوا: يقول لنا: من يتعلم الإنجليزية منافق، أنا لا أقول هذا اسمعوا العبارة، يقول ابن تيمية: من تحدث بلغة أجنبية بين المسلمين العرب دون حاجة فذلك من علامات النفاق؛ يعني: عند أمه وفي البادية في خيمة وعند جده، يقول: good buy يعطيه أبوه الشاي، وهو لا يعرف نواقض الوضوء فيقول: Thank you فهذا علامة النفاق، أي: أنه معجب بأولئك، وأنه مجمرك، هذا مقصود ابن تيمية، ألا يكون الإنسان ملغماً من داخله لأنه علامة النفاق، بل يكون معتزاً بالعربية الفصحى، قائماً على لغة القرآن، محترماً للمبادئ، يحمد الله أن جعله من أمةٍ فصيحة، أمةٍ عربية معطاءة، لا أدعو إلى القومية لكن إلى لغة القرآن.
هذه النخبة المثقفة ترى نفسها أنها هي التي تجيد تسيير الأمور، وأنها هي الصالحة، وأن عقليتها متفتحة، وأما العقليات المغلقة فهي عقليات الدعاة وطلبة العلم والملتزمين، هؤلاء أهل اللحى والثياب القصيرة لا يستطيعون أن يفهموا، ولهم فهمٌ خاص، فالغربي أوجد هذا، وفرضه على المسلمين في نواديهم، وفي مجامعهم، وفي أماكنهم، وفي قراراتهم، حتى سيرت الأمة كما شاء الغربي.