إن الهزيمة النفسية تعمق في قلوب المسلمين، فيرى المسلم أن الغالب والقوي والمصنع والمخترع والمكتشف غيره، أما هو فلا يستطيع أن يقدم للبشرية شيئاً، نحن نعيش أزمةَ هزيمةٍ نفسيةٍ، حتى تجد أننا ننظر للغرب والشرق أنهم دول غالبة، مثل دول الفيتو، التي هي دول كافرة، ولها حق النقض، وهي دائمة العضوية، وهي التي تورد وتصدر، أما الدول الإسلامية، فكما قال الأول:
ويقضى الأمر حين تغيب تيمٌ ولا يستشهدون وهم شهودُ
فيعترضون فلا اعتراض، ويوافقون فلا موافقة، إن وافقوا أو اعترضوا، إن غابوا أو حضروا، فنحن ننظر الآن بهزيمة نفسية أننا لا نستطيع أن نفعل مثلما فعل هؤلاء، صنعوا، وأنتجوا، وينظر الناس حتى بنقصٍ في التوحيد أنهم لا يُستطاع أن يغلب هؤلاء ولا يُستطاع عليهم؛ حتى يشك أحدهم في القدرة الإلهية، ويأتي الأطفال فيقولون: هل يستطيع الله أن يغلب الاتحاد السوفيتي؟!! سبحانك! الله يدمرهم بأسلحتهم، وفي وقتٍ من الأوقات أبادهم الواحد الأحد، قال: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21] يقول أحد العلماء: إن انهيار الاتحاد السوفيتي كان تحت مظلة آية: {وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الأنعام:110] فهو الذي يغير ولا يتغير، ويبدل ولا يتبدل، وأكثر ما رشقت به الأمة أن الأطفال في البيوت يتربون على هزيمة نفسية، فيتصور أن هذا الكافر لا يغلب، وأنه المخترع، أما المسلم فلا يستطيع أن يخترع ولا أن يكتشف، ولا يقدم ولا ينتج.
ونحن الذين فعلنا بأنفسنا ذلك، لم نقدم صراحة للبشرية في الفترة الأخيرة إلا ما رحم ربك، لا في دينها ولا في دنياها، الواجب أن نكون نحن المؤثرين في الغرب والشرق، لكن غزينا في عقر دارنا، وأصبح المبشرون في كل جهة؛ في المستشفياتِ، والمدارس، والمصحات، والمعامل، والمؤسسات، والشركات، فنشكو حالنا إلى الله.