مبايعة الأنصار للرسول صلى الله عليه وسلم في العقبة

أتى الأنصار -قيل في رواية: ما يقارب السبعين- ووصلوا إلى العقبة، وأتى صلى الله عليه وسلم، فخرج من مكة متخفياً حتى لا يراه مشركو قريش، فلما وصل صلى الله عليه وسلم إليهم جلس عليه أفضل الصلاة والسلام بين أظهرهم وتكلَّم ثم تكلم العباس، ثم قام عبد الله بن رواحة رضي الله عن ذلك المجاهد، وقال: {يا رسول الله! ماذا تريد منا؟ على ماذا نبايعك؟ قال: تبايعوني على أن تمنعوني مما تمنعوا منه نساءكم وأطفالكم؟ فقال ابن رواحة: فما لنا -يا رسول الله- إذا فعلنا ذلك؟ قال: لكم الجنة! قال ابن رواحة: ربح البيع! والله لا نقيل ولا نستقيل} أي: ليس هذا خيار ولا استقالة إنما هو بيع نافذ، ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله لما وصل إلى هذه الكلمة، وقد سال قلمه ونسي نفسه رضي الله عنه، وقال في قوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ} [التوبة:111].

قال ابن القيم: قالها ابن رواحة رضي الله عنه، هذا العقد أنزله الله سبحانه وتعالى، وأتى به جبريل عليه السلام، وأمضاه محمد صلى الله عليه وسلم، والسلعة هي الجنة، والثمن أرواح المؤمنين، فربح البيع ولا خيار فيه ولا استقالة.

من هذا اليوم والرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن الله سوف ينصر هذا الدين بالأنصار رضي الله عنهم، وإلا فإن الرسول صلى الله عليه وسلم فكَّر في قبيلة من قبائل العرب ليذهب إليها، وفي الأخير هداه الله عزَّ وجلَّ إلى المدينة إلى يثرب لتكون هي دار الإسلام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015