اليهود تكذب بنبي يعرفونه كما يعرفون أبناءهم

رجل يأتي من بين الصخور التي تحرق الإنسان، وتسود بشرته، يأتي وهو كفلقة القمر ليلة أربعة عشر، عرقه كالجمان ينسكب، رائحته كالمسك الأذفر؛ إذا دخل البيت بقيت رائحة البيت أياماً، إذا مر من هذا الطريق يعرف الناس أنه مر من هنا، يده كالديباج، يقول أنس: والله ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كفه صلى الله عليه وسلم.

قيل لـ أبي هريرة: كيف كان وجهه صلى الله عليه وسلم؟ قال: والذي نفسي بيده لكأن الشمس تجري في وجهه.

وقيل لـ أنس: كيف كان وجهه صلى الله عليه وسلم؟ قال: هل رأيتم البدر ليلة أربعة عشر؟ قالوا: نعم، قال: والله لقد نظرت إلى البدر أو القمر ليلة أربعة عشر، ونظرت إلى وجهه صلى الله عليه وسلم ووالله لوجهه أجمل من القمر ليلة أربعة عشر.

فلما رأى عبد الله بن سلام هذا الوجه ذُهل وعرف أنه ليس بوجه كذاب، لأن وجه الكذاب دائماً معسوف مغضوب عليه معقود، الكذاب دائماً يظهر الكذب على وجهه، لكن الصادق نظراته صادقة، ولمحاته صادقة، ووجهه صادق.

قال: فعرفت أنه ليس بوجه كذاب.

يقول ابن رواحة شاعر الأنصار، البطل المقدام الذي قدم روحه رخيصة يوم مؤتة، يوم غلت الدراهم والدنانير على أهل المغالاة قدم روحه يقول:

لو لم تكن فيه آيات مبينة لكان منظره ينبيك بالخبر

فقط يكفي المنظر، قال ابن سلام: فسمعته يتكلم عليه الصلاة والسلام، واسمع إلى الكلمات كأنها الدر بل أغلى من الدر، أو كأنها الجواهر بل أغلى من الجواهر.

بالله لفظك هذا سال من عسل أم قد صببت على أفواهنا العسلا

أم المعاني اللواتي قد أتيت بها أرى بها الدر والياقوت متصلا

لو ذاقها مدنف قامت حشاشته ولو رآها غريب داره لسلا

انطلق يتكلم، فيقول عليه الصلاة والسلام: {يا أيها الناس! أطعموا الطعام، وصلوا بالليل والناس نيام، وصلوا الأرحام، وأفشوا السلام، تدخلوا الجنة بسلام} وراوي الحديث -والحمد لله- هو عبد الله بن سلام.

فلما سمع هذا الكلام انطلق وآمن بالله فكانت له هذه القصة.

يقول عليه الصلاة والسلام: {لو آمن بي عشرة من علماء اليهود لآمن بي اليهود جميعاً} لكن لم يتموا عشرة، فالنصاب لم يكتمل، لأن الله كتب عليهم اللعنة، بل أسلم منهم ثلاثة أو أربعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015