إن تنصل الأمة عن أمور الجهاد، وعن أمور التقشف والبذاذة الإيمانية والرجولة إلى أمور الترهل والاستخذال، والتكاسل والإحباط المعنوي، والترف خطير جداً، وقد عاشته الأمم، وولت.
لماذا اجتاح التتار العالم الإسلامي؟ لم يكن عند العالم الإسلامي دروس في الجهاد، ولم يكن هناك أمة مستعدة للجهاد، بل كانت الجواري تباع في بغداد وأنا أعرف مقطوعات لا أذكرها هنا، عن ولادة وحمدونة وفلانة وفلانة، جواري كن يكتبن أبيات غزل على صدورهن وينزلن إلى السوق في بغداد، فسلط عليهم جنكيز خان، مثل الحمار لا يعرف لا إله إلا الله، أتى من سيبيريا كالدب الأسود، فدخل بألف ألف مقاتل واجتاح العالم الإسلامي، وأتى بالموسيقى الحالمة، والبلوت والباصرة، فدمرها مع أصحابها في نهر دجلة، ولما انبرى وازع الجهاد عند ابن تيمية في الشام، وقف على المنبر يعلن حالة الجهاد، ويأخذ الكوب من الماء ويشربه في السابع عشر من رمضان، ويقول: أفطروا أيها الناس فإنكم في جهاد، فيقولون: كيف نغزو التتار؟ قال: والله لننتصرن عليهم، فيقوم السلطان أمامه، وهو يرتجف يقول: قل إن شاء الله، قال: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً.
وينتصر الإسلام في شقحب، ويكسر رءوس التتار، وترتفع لا إله إلا الله.
وأمير أندلسي قالت له أمه وكانت عاقلة، بها من الصرامة على منهج زوجها، ولكن ابنها كان طائشاً في حياته، مترهلاً، كان يصبح الصباح، وهو نائم إلى الضحى لا يدبر أموره، حتى اجتاحه ابن تاشفين، فقالت له أمه وهو يبكي مأسوراً:
ابك مثل النساء ملكاً تولى لم تحافظ عليه مثل الرجال
وللمحافظة على لا إله إلا الله يجب أن تربى الأمة تربية جهادية، عصامية، وأن تكون دائماً متأهبة للخطر، وأن تكون دائماً قوية، فو الله لا يقترب منها أحد.
وانظر الآن على الخارطة إلى الشعوب التي تملك قوى، كيف تقدر وتحترم؛ فنحن في شريعة الغاب، وأمة الغاب لا تؤمن إلا بالقوة كما سلف.