الثبات على المبادئ

إن أهم صفة من صفات الداعية، أنه صاحب مبدأ، وحامل رسالة، وله منهج، قد يغلظ أو يرفق، يقسو أو يلين، يقبل أو يدبر، يواجه أو يهادن، لكنه صاحب مبدأ، قد يحاور ويفاوض، ويرد ويقبل، ويأخذ ويعطي، ويغضب ويرضى، لكنه صاحب مبدأ، له ثوابت لا يتخلى عنها، وربما تنازل عن الحواشي ليبقى الأصل، وربما ترك التعليق ليبقى المتن، وربما تخلى عن الإطار لتبقى الصورة.

وقفة:

اللهم إن أجل ما نملك دماؤنا، اللهم فاسفكها في سبيلك، أسألك أن تسفك دماءنا لترتفع لا إله إلا الله محمد رسول الله ولينتصر المنهج الحق، منهج السلف، منهج أهل السنة والجماعة في الأرض.

الداعية هو الناطق الرسمي للملة: {وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} [الكهف:29] والسفير الأول للشريعة: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً} [الأحزاب:45] والمندوب الدائم لمحمد صلى الله عليه وسلم: {نضر الله امرءاً سمع مني مقالة فوعاها فأداها كما سمعها، فرب مبلَّغ أوعى من سامع} الأمين العام للقيم: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} [القصص:26].

الداعية له في كل قلب سفارة، وفي كل عقل محطة، وفي كل مجلس قناة، الداعية تقرؤه في الصحيفة، وقد تطالعه في المجلة، وقد تنظر إليه في الشاشة، تصلي وراءه في المحراب، تسمعه على المنبر، تلقاه في السوق، تصافحه في الحديقة، تجلس بجانبه في الحافلة، تعانقه في الطائرة، تقاتل وراءه في المعركة، تراه في العرس، تشاهده في الجنازة، يصافح الملك، يمسح رأس اليتيم، يرفق بالرئيس، يعطف على الأرملة، يمازح الشاب، يقود العجوز.

الداعية يرسل كلمته على ذبذبة طولها الحق، وعرضها الصدق، على هوى الإبداع، وعبر أثير المحبة، لتستقبل كلمته أطباق القلوب، وتنقل عبارته موجات الأرواح.

والدعاة درجات عند الله، منهم من يحبو، ومنهم من يمشي، ومنهم من يهرول، ومنهم من يمر مر السحاب، ومنهم من يشبه سرعة الريح، ومنهم من يحلق في سماء الإبداع، فيرتفع عن سطح الدنيا سبعة وثلاثين ألف قدم من الصدق والرفق والحق والعدل والعلم والإيمان.

إن كنت أنت بكيت من حر الجوى وسكبت في نيل الفراق دموعا

فنفوسنا ذبحت على ساح الوغى يا من يرى صرع السيوف وجوعا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015