أما بعد:
فقد وقفت عشراً واستفدت عشراً:
أولاها: اللجوء إلى الله في الملمات، وقصده في الكربات، وسؤاله في الأزمات.
ثانيها: أن مع العسر يسراً، ومع الكرب فرجاً، ومع الضيق سعة، وبعد الشدة رخاء.
ثالثها: أنه ليس لك في المصائب إلا الله، وما لك عند الدواهي إلا الله، وما معك في الخطوب إلا الله: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل:62] فوحدوه وأخلصوا له العبادة، وأطيعوه واهتفوا بولائه، وادعوه، والتجئوا إليه، واسجدوا له، واشكروه.
رابعها: أن العلماء يصيبون ويخطئون، والدعاة يحسنون ويغلطون، والمصلحون يسددون ويعثرون، إلا محمداً صلى الله عليه وسلم، فهو المصيب بلا خطأ، والمسدد بلا غلط، والمصلح بلا عثرة: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:3 - 4].
خامسها: أن الكتب تعرف منها وتنكر، وتقبل وترد، وتوافق وتخالف، إلا الوحي كتاب وسنة، ففيه الصحة كلها، والصواب أجمعه، والحق أتمه وأكمله، والعدل أوله وآخره.
سادسها: أنه ليس لأحد أن يدّعي أنه المخول وحده لنصرة الدين، ولا التكلم باسمه، فدين الله منصور، شاء من شاء، وأبى من أبى: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ} [الأنعام:89].
نصر محمداً العربي صلى الله عليه وسلم سلمان الفارسي، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي، وصلاح الدين الكردي، ونور الدين التركماني، وإقبال الهندي.
سابعها: أن الرفق هو الطريق الأمثل للدعوة، وأن الكلمة اللينة هي السحر الحلال، وأن الأسلوب السهل هو مصيدة الرجال، فاسأل الله أن يصلح النية والذرية، وأن يوفق الراعي والرعية.
ثامنها: أن غالب محاضرات الدعاة، وندوات العلماء، حسن وصواب، وحق وعدل، والقليل النادر غلط وخطأ؛ لعنصر البشرية وضعف الإنسانية، وانتفاء العصمة وانقطاع الوحي.
تاسعها: وجدت أن الأمة لايشفي عليلها ولا يروي غليلها، مقطوعة من فنان، ولا طرح من علماني، ولا هيام من شاعر، ولا خيال من فيلسوف، إنما يحييها ويرفعها ميراث من نبوة، وتركة من رسالة، وأثارة من وحي: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ} [الرعد:17].
عاشرها: وجدت أن الأمة قد تكون غير منتجة، ولا مخترعة، ولا مكتشفة، ولا مصنعة، ولكنها لا تعيش بلا إيمان، ولا تحيا بلا رسالة، ولا تشرف بلا منهج: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام:122].
تلك عشرة كاملة، أهديها لمحبي النصح وعاشقي الفضيلة وطلاب الحقيقة، وشباب الإصلاح ورواد المعرفة: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْأِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} [هود:88].
دعها كما شاءها الرحمن جارية الله يحفظها والله يرعاها
لها من الوحي نور تستضيء به وبهجة الغار تبدو في محياها