السر الخامس: أن الدعاة إلى الله عز وجل لا يكفرون أحداً من المسلمين من أهل القبلة إلا بمكفر من المكفرات التي أجمع عليها أهل السنة والجماعة، فهم أبعد الناس عن التكفير، يصونون ألسنتهم، ويخافون الله سبحانه وتعالى؛ لأنه من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما، فهم يحذرون كل الحذر، والذين يسرعون في التكفير هم أهل البدع، وقد لامهم أهل العلم على ذلك؛ لأنهم لا يخافون الله؛ ولأن ضوابطهم متهتكة في مسألة التكفير، وليس عندهم بصيرة، وما عندهم دلالةٌ من الفقه في الدين.
وإنما وقع الخوارج في مسألة التكفير لأنهم أخذوا ببعض الكتاب، وأكثروا في العبادة على حساب الفقه في النصوص، فجهلوا الفقه في الدين فوقعوا فيما وقعوا فيه، ولذلك لم تنفعهم عباداتهم، ولا قراءتهم، ولا صلاتهم، ولا صيامهم، حتى قال المعصوم عليه الصلاة والسلام: {تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم، وقراءتكم إلى قراءتهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية}.
وعند ابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما: [[فقيهٌ واحد أشد على الشيطان من ألف عابد]] لأن الفقيه يعرف أسرار الشرع، ويقف عند النصوص، ويفقه الأدلة.