قال سماحته: وقد يفعلونه علانية في محاضرات عامة في المساجد، وهذا المسلك مخالف لما أمر الله به ورسوله من جهات عديدة منها:
أولاً: أن هذا مخالفة شرعية.
ثانياً: أنه ظلم.
ثالثاً: أنه اعتداء على حقوق الآخرين.
رابعاً: أنه تشويش لهذا الجيل الذي يثق في هؤلاء الدعاة من الطلبة، سواء كانوا في الابتدائية أو في الثانوية أو في الجامعات، سواء كانوا من العامة أم من العلماء؛ لأن هذه البلاد وغيرها من بلاد الإسلام لا تصلح إلا بالعلماء، ولا يستقيم أمرها إلا بالدعاة؛ لأن هذا العلم سند محفوظ، يرويه فلان عن فلان، عن البخاري عن ابن المديني عن الثوري عن علقمة عن ابن مسعود عن الرسول عليه الصلاة والسلام عن جبريل عن رب العالمين.
وهؤلاء حملة وأمناء، وقد روي عنه عليه الصلاة والسلام عند الخطيب البغدادي وعند ابن عدي قوله: {يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين} أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
قال سماحته: أولاً: أنه تعد على حقوق الناس من المسلمين، وقد سمعنا من وصم الدعاة أنهم لا يفهمون الدين، وأنهم شددوا الدين على الناس، وحرموا ما أحل الله لهم، وهل هذا يعقل ممن يدرس الشريعة صباح مساء، ويدرس قضاة المسلمين وكتاب العدل، ويلتقي بالدعاة والعلماء، ويأخذ علمه من علماء أجلاء من المدرسة السلفية الرائدة المحفوظة عن معلم الخير عليه الصلاة والسلام.
كيف نحرم ما أحل الله للعباد، والله عز وجل يقول: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ} [النحل:116]؟!
فلمْ يحرمْ الدعاة -والحمد لله- حلالاً، ولم يحللوا حراماً، بل كانوا وقافين عند النصوص، حذرين من مخالفة الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام.
قال: أنه تعد على حقوق الناس من المسلمين، بل من خاصة الناس من طلبة العالم والدعاة الذين بذلوا وسعهم في توعية الناس وإرشادهم وتصحيح عقائدهم ومناهجهم، واجتهدوا في تنظيم الدروس والمحاضرات وتأليف الكتب النافعة.
إن أقل ما يجب للدعاة على الناس أن يكفوا ألسنتهم عنهم، إن لم يشارك المسلم إخوانه من الدعاة بالحضور، وبالمساعدة في نشر الشريط الإسلامي، وبالدعم المالي للكتب، ولتوزيع الأشرطة، وبالدعاء بظهر الغيب وفي السحر وأدبار الصلوات، فنسأله بالله أن يكف لسانه، وأن يحفظ عليه هذا الصارم الذي بين فكيه، وأن يعلم أن الله سوف يحاسبه على ما اقترف لسانه، فإن الله عز وجل لا تخفى عليه خافية.
وإن لم يستطع أن يدافع عن إخوانه الدعاة، فعليه أن يكف سلاحه، وأن يحفظ لسانه، وأن يقف عند حده.