ومن أمراض الإخاء -أيضاً- الغيبة، وهي فاكهة المجالس، وهي الأطروحة المعروضة، والبضاعة الرخيصة، والبز المنشور في أسواق الذين ابتعدوا عن معالم (إياك نعبد وإياك نستعين) ولكن ترى الناس حتى طلاب العلم لا يغتابون حتى يبرروا لأنفسهم ويفتوا أنفسهم، يقولون: أستغفر الله! أنا ما اغتبته لكني أخبرت بما فيه.
ويقول أحدهم: أجرح والجرح والتعديل وارد عند أهل السنة لمصلحة الدعوة، والدعوة تقتضي أن تعرف صديقك من عدوك، والدعوة يوم تنطلق من أطر، وتنبثق في بوتقة؛ ترتكز على مرتكزات أن تعرف صديقك من عدوك، فتذُبح الأعراف، وتُستحل القيم، ويُغتاب الأخيار، بدبلجة الشيطان لهذا المبدأ.
يا أيها الضعيف المسكين! الجرح والتعديل ليس لي ولك، لـ يحيى بن معين، وعلي بن المديني، والبخاري والنسائي الذين حفظوا السنة، أما أنا وإياك فلم تحفظ من السنة إلا حديث: {إنما الأعمال بالنيات}!! أولئك حفظوا السنة بواسطة الرجال فجرحوهم وعدلوهم.
نعم! لنا أن نجِّرح ونُعدِّل لكن من ظهر لنا فجوره وخبثه؛ وكشف الله ستره، وعرفنا أنه عدو للإسلام، أما مسلم -في الجملة- متستر بستر الله، ظاهره الخير، فننبش عنه، متى كنا أوصياء لله على خلقه؟ متى جعل الله -سبحانه وتعالى- عندنا علم الغيب، نطلع على نيات الناس؟ هذا -والله العظيم- هو الردى.
بعض الناس يسكت عن المحاسن وينبش المساوئ، ذكر الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في كتاب طريق الوصول إلى العلم المأمول نقلاً عن ابن تيمية كلمة رائدة، يقول: بعض الناس مثل الذباب لا يقع إلا على الجرح.
تجد أناساً في المجتمع يجدك سليماً معافىً، عليك ثوب أبيض، متطيب متعطر، هذا الذباب يترك الثوب الطيب المتعطر، ويبحث في جسمك عن جرح فيقع عليه.
كثير من الناس ينظر إلى الحسنات، فتنطمس عينه وتعمى حتى يجد سيئة فيضخمها ويكبرها:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة كما أن عين السخط تبدي المساويا
فالله المستعان!