ثم قد يحصل من الناس على بعضهم ظلم وعدوان، فتجد بعض الناس إذا أراد أن يرد على أحد الأشخاص رداً؛ اتهمه ونال عرضه وسبه وشتمه وهذا من الظلم العظيم، بل عليك أن ترد الخطأ فقط، وأن تبين وتذكر المحاسن كما فعل شيخ الإسلام رحمه الله، عندما رد على المعتزلة في درء تعارض العقل والنقل قال: أحسن المعتزلة في أنهم ردوا الملاحدة وأدخلوهم في الإسلام لكنهم أساءوا في أنهم أوقفوهم في مذهب الاعتزال.
فعليك إذا أردت أن ترد على شخص أو طائفة أن تعترف بما لهم من الحق، فمثلاً: إذا أردت أن ترد على الحنابلة فلا تتهم الحنابلة بالجمود، ولا ترد على أئمتهم، ولا تطلق لسانك وقلمك في أعراضهم، بل تقول مثلاً: الحنابلة من أحسن الناس معتقداً، وهم المحافظون على معتقد أهل السنة، وفيهم علماء أجلاء، وفيهم زهد وورع، لكن أخطئوا في هذه المسألة أو أخطأ فلان منهم في هذه المسألة، وكذلك الشافعية، وكذلك المالكية، وكذلك الأحناف، وإذا أخطأ رجل من جماعة الإخوان فلا تسب جماعة الإخوان جميعاً وتقول: هذه الجماعة فيها كذا وكذا فهذا من الظلم والعدوان.
وإن من أفرى الفرى أن يسب الشاعر القبيلة بأسرها فإن هذا لا يجوز، وأقول لكم: هذا لا يجوز، وحتى لا يجوز أن تتخذ القبائل سلماً للمعاداة وللتناحر والتباغض، فمثلاً تسب القبيلة بأسرها، هذا لا يجوز، يعني: خالفك رجل من القبيلة أو أساء إليك رجل من القبيلة؛ فإنه لا يجوز لك وحرام عليك أن تقول: القبيلة كلها فاجرة أو آثمة أو بخيلة أو جبانة، فإن هذا من الظلم والعدوان، وهذا مما ينبغي أن يذكر به الناس كثيراً.
وكذلك الشعوب لا ينبغي أن تقول مثلاً: الشعب الفلاني كله آثم أو كله جبان أو كله خائن أو كله مارد، فإن هذا من الظلم؛ بل تذكر الأشخاص الذين لهم فجور، مثلاً على سبيل المثال: شعب العراق فيه حزب البعث الكافر وصدام المجرم، وحزبه حزب البعث فلا يجوز لك أن تقول: كل عراقي آثم وكل عراقي فاجر، فإن فيهم من أهل السنة وفيهم علماء وفيهم عباد وفيهم دعاة وفيهم صالحون وفيهم شهداء، بل عليك أن تميز هذا من هذا، فتخرج الحي من الميت: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء:135] وقال سبحانه: {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة:8].