ومن علامات ذلك: محبة من يعظمه في قبول قوله والاستماع له من غير تدبر وتعقل، فإنك تجد بعض الناس إذا عظمه شخص أحبه ولو كان فيه تقصير وقدمه على غيره، حتى تجد بعض المشايخ إذا أحبه بعض الطلبة، أو قبل على رأسه، أو أركبه في سيارته، أو بجله بالألفاظ أو ألقى عليه قصيدة أو دعاه إلى وليمة، تجده يحب هذا الطالب ويقدمه على بقية الطلبة، وتجد بعضهم يغضب إذا لم يقبله الطلاب على رأسه، ويقول: هؤلاء الطلبة ليس عندهم أدب ولا يستحون ولا يحملون الأخلاق الشرعية إلى غير ذلك، فأصبح هواه في العلو في تقبيل الرأس واليد، وفي التبجيل بالعبارات، وهذه من فعل أحبار اليهود والعياذ بالله، بل على العبد أن يفر من هذه، وأن يحاول على ألا يوافق الناس في تقبيل رأسه إلا إذا كان فيه مشقة أو أمن على نفسه من العجب، وعليه أن يفر من تقبيل الأيدي والأكف، لأن هذه لم ينزل الله بها سلطاناً، ولو أن الرسول صلى الله عليه وسلم فُعل به هذا، لكن منزلته صلى الله عليه وسلم غير منازلنا؛ فإنه آمن على نفسه من العجب وعصم الله سمعه وبصره وقلبه.
قال سبحانه وتعالى فيمن اتبع هواه وطلب العلو وحسد وبغى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِمَا مَعَهُمْ} [البقرة:91].