وهذه غاية الغايات كما قلت، وقبل أن أختتم كلامي هذه اقتراحات عاجلة, من أخ إلى إخوانه، ومن زميل إلى زملائه، ومن صديق إلى أصدقائه, منها:
أن يصنف الفضلاء حسب مواهبهم واستعداداتهم للذود عن الملة, وحراسة حياض الشريعة, وحماية دار الإسلام, ما بين عالم وداعية وواعظ وآمر وكاتب وأديب وصحفي, ثم يقف كل منا على ثغرة فلا يغادرها حتى يقضى نحبه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23].
الثاني: أن ينتقل كل منا من مرحلة تواكل المسئولية، والتبرؤ من التبعات, إلى التأثير والمشاركة, وإلى ميادين العطاء, وإلى نشر ميثاق محمد صلى الله عليه وسلم بكل ما أوتي الداعية من قوة.
الثالث: أن يهيأ في كل حي درس في الشريعة لأحد المؤهلين، يجيد مخاطبة العامة وتربية الناس, وهذا يقترحه صاحب إحياء علوم الدين , وهو من أحسن ما يكون.
الرابع: أن ننطلق جميعا مُشَرِّقين ومُغَرِّبين, نرفع الجهل عن الناس، ونأمر بالمعروف وننهى عن المنكر, فندخل البوادي والقرى والأرياف, داعين إلى منهج الله.
وقال غيري من الفضلاء: يعلم الله أنه يوجد من أهل المبادئ الضالة والأنظمة الظالمة من يضحي لمبدئه أعظم مما يضحي الموحد لتوحيده, والمسلم لإسلامه.
الخامس: أن نتخلى عن عقدة الخوف, أتدرون ما هي عقدة الخوف؟ إنها العقدة التى تصل إلى حد أن يخرج الإنسان من الملة وهو لا يشعر, وقد جعل الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من نواقض لا إله إلا الله شرك الخوف, ونعرف أنه ليس في الحضور ولا في غيرهم من شباب الصحوة وأهل الإسلام من يعبد نجماً أو شجراً أو حجراً, ولكن منهم من يشرك شرك الخوف حتى يخرج من الملة, يخاف من البشر أكثر من خوفه من رب البشر, ويخاف من الناس أكثر من خوفه من رب الناس, والله يقول: {فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ} [آل عمران:175] ويقول: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} [البقرة:40].
قرأت لأحد شعراء النبط ومعذرة في هذا, ولكني عجبت من قوته وجلده, وهو يعلن مبدأه في بيتين من الشعر وهو يخاطب بها بعض الظلمة, يقول:
أنا يا ترى مثلك يا ظالم، لا تظن الأرض وهي معك
وقوة الأرض أنها معك سوف تغلبنى، فأنا حملت مبادئى ومعي الله:
أنا يا ترى مثلك يحب العلا شجعان يراهم بروحه ما يخاف الشمالية
أنا بعت روحي من محمد ولد عدنان قبضت الثمن والله يشهد على النية
وما دام وصلنا إلى النبط، فمعذرة! فأنا سوف أختم كلامي ببعض الأبيات من الشعر النبطي بلهجة أهل الجنوب.
يا جميل الوصف بالله ما زرت القصيم ديرة فيها البطولات رمز أبطالها
العقيدة والمروات والدين العظيم زلزلت منها ديار الوفى زلزالها
من جنوب المملكة جيت والمنصىكريم عند ما تحيا الجزيرة بذا نبلى لها
وأكرر شكري لكم ودعائي, وأسأل الله أن يحشرنا وإياكم في مقعد صدق عند مليك مقتدر, وأن يجمعنا بالصالحين من عباده.
وأشكر أهل الفضل الذين شرفونى بالحضور، وتواضعوا للسماع مني، كالشيخ رئيس المحاكم عبد الرحمن العجلان، والمشايخ عموماً كالشيخ/ حمود العقلا , وغيره من الدعاة والخطباء وأهل الفضل, فشكر الله لهم ذلك، وما بقي من وقت فأتركه لفضيلة الداعية المسدد سلمان بن فهد العودة ومع الشيخ يقدمه لكم ثم يدلف إليكم.
كلمة المقدم:
إنا والله يا أبا عبد الله أعجز أن نكافيك أو نجازيك، يوم أسعدت بمقدمك, وآنست بطلعتك, وبعثت في القلوب بكلمتك من المعاني العظيمة ما أنعشها وأحياها وزكاها, فقد لامست بحديثك عن المعاناة جروحاً والله في القلوب راعفة, وحركت بحديثك عن الطموح همماً إلى المعالي سامية, لا نملك أن نكافيك ولا أن نجازيك، ولكننا ندعو لك ونسأل الله أن يجيب, نسأل الله أن يكتب لك ما احتسبت, نسأل الله جل جلاله أن يبارك في عمرك وينسأ في أجلك, ويجزيك عن رسالة محمد صلى الله عليه وسلم خير ما جزى داعياً عن دعوته, نسأل الله جل جلاله أن يسعد قلبك, ويقر عينك بعز الإسلام وظهور المسلمين.
أما الآن فمع كلمة شيخنا، الموعودين نحن بها، فليتفضل شيخنا أبو معاذ ليعقب بما تيسر والله يحفظه ويرعاه.