والشاب الآن يطمح لأمته التي يقرأ عنها في التاريخ أن تقود البشرية، أصبحت حجتنا الآن أن نغسل العار عن وجوهنا, وأن نقدم للشباب كل جمعة عمر بن الخطاب:
لو أسمعوا عمر الفاروق نسبتهم وأخبروه الرزايا أنكر النسبا
أبواب أجدادنا منحوتة ذهباً وذي هياكلنا قد أصبحت خشبا
من زمزم قد سقينا الناس قاطبة وجيلنا اليوم من أعدائنا شرباً
إذا أردنا أن نعتذر قلنا: منا صلاح الدين , وعمر بن عبد العزيز.
إذا فخرت بآباء لهم شرف نعم صدقت ولكن بئسما ولدوا
فلماذا لم يجعل كل منا نفسه عمر بن الخطاب ولو مصغراً, وصلاح الدين ولو نبذة منه, أو نسخة مكررة؟ وما ذلك على الله بعزيز.
وينتظر الشاب إلى أن يكون الداعية إلى منهج الله عز وجل ضد دعاة الباطل, وحملة الرذيلة، والمطالبة منا أن نراغمهم في الميدان، ونلاحقهم في كل معترك.
فالداعية الشاب الملتزم يجرع أعداء الله غصصاً لا تنتهى، وخطيب الدعاة ضد خطيب أولئك, وصحفينا ضد صحفيهم, وأديبنا ضد أديبهم, وكاتبنا ضد كاتبهم, ومفكرنا ضد مفكرهم.
فإذا {حَتَّى إِذَا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا} [محمد:4] وعندنا ولله الحمد في شباب الصحوة من التخصصات والمواهب والاستعدادات ما يغطي كل جانب, ولكنها ما استثيرت وما وجهت وما وضعت في أماكنها, عندنا مئات الشعراء والحمد لله -إن بني عمك فيهم رماح- وعندنا ومئات الخطباء, ومئات الدعاة, ومئات الوعاظ, ومئات الشعراء:
أتركبون فإن الركب شيمتنا أو تنزلون فإنا معشرٌ نُزُلُ
إن شئتم فلنا في الهند ضاحكة أو شئتم الطعن فالأرماح ترتجل
ويريد الشاب من طموحاته أن يكون الآمر الناهي, الذي يتمعر وجهه كل يوم مرات عديدة, إذا رأى الإسلام يُمَرَّغ في التراب, ويمرغ على الأرصفة, ويمرغ في الحوانيت, ويمرغ في الجامعات, ويمرغ في المنتديات, ويمرغ في النوادي, فيلتهب هذا الشاب، ويفور دمه، لأن دينه ومبدأه يمرغ في التراب, ويُزْبِد ويُرْعِد إذا رأى المنكر أمامه يهدد منهج الله ويضايق أولياءه.
إن هذا الجيل إن شاء الله لا يريد أن يكرر مأساة بنى إسرائيل الذين تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, فقال الله عنهم: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [المائدة:78 - 79].
يقول الحبيب لحبيبه: قل الحق ولو كان مراً؛ يقول صلى الله عليه وسلم لـ أبي ذر: {قل الحق ولو كان مراً} رواه ابن حبان، والحق مر يذهب بالرءوس, والحق مر يأخذ النفوس, والحق مر يسيل الدماء, لكن قل الحق ولو كان مراً, ما هي ميزتنا أمام الأمم؟ أننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونؤمن بالله, فإن تخلينا عن هذه الميزة سقطنا من عين الله ثم من عيون الأمم.
والشعوب الإسلامية الآن ترك أكثر أبنائها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بفعل الاستعمار, بل أصبح الأمر والنهي دخيلاً على الأمة، وأصبح مستغرباً, وأُذِيْبَ وأُنْهِيَ حتى أصبح الآن متلاشياً قليلاً ضعيفاً.