جواز احتجاب صاحب السلطان لمصلحة

للمرء أن يمنع الزيارة عن بيته حين تحصل مشاغل أو ظروف، وهذا لأهل المسئوليات، للمسئول في الدائرة أو في المؤسسة أو في شركة أن يمنع الزوار في فترة من الفترات للمصلحة، لكن أن يبقى بابه مغلقاً من أول الدوام إلى آخر الدوام فهذا خطأ وباطل، وهذا ظلم، أو من لايدوام ثم يقول للحارس أو الفراش: لا تجعل أحداً يدخل عليَّ ثم يخرج من الباب الآخر، وكل ما أتى مسكين أو صاحب حاجة قال: لا، عنده شغل، هو مرهق بالأعمال والمعاملات (وهو في بيته) فأما في فترة من الفترات فلا بأس بها لأمر؛ لاجتماع، لسر، فكان صلى الله عليه وسلم يأخذ حاجباً على بابه للمصلحة.

مالك بن أنس، وهو إمام دار الهجرة في عهده كان على بابه حجاب رضي الله عنه وأرضاه، فللمصلحة لا بأس، يأذن لمن شاء ويدخل من شاء، والعرب كما قال ابن قتيبة: يتفاءلون ويتشاءمون بالحاجب عند الباب، إذا رأوا الحاجب يتبسم وفيه الخير استبشروا خيراً، وإذا رأوه غضبان استبشروا شراً، فهذا أمر الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ولذلك قالوا: إن المغيرة بن شعبة جعل حاجباً على بابه وقال: لا يدخل أحد علي اليوم.

فوقف الحاجب وأدخل جماعة من الناس، قال: أما قلت لك: لا تدخل أحداً؟ قال: هؤلاء أرحامي وأصهاري وجيراني.

قال: صدقت والله، إنك حافظ للود، والله إن الكلب إذا فعلت له معروفاً يحفظ ودك فأنت الحاجب.

هذا حفظ الود في الناس، فالعدل العدل في مثل هذه الأمور، إذا كلف الإنسان بمسئولية ينبغي أن يعدل بين الناس، وله أن يود بعض الناس لشفاعة ولمنزلة أو لأمر؛ بشرط ألا يأخذ هذا من حق هذا، ولا يجور هذا على هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015