مروا بصحابي من صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام، اسمه عبد الله بن حبيب من الأتقياء الزهاد على نهر دجلة، فقالوا: يا عبد الله ممن أنت؟ قال: أنا من أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام.
قالوا: سمعت منه شيئاً؟ قال: سمعت منه صلى الله عليه وسلم أنه قال لي: {يا عبد الله! تكون فتنه، فكن عبد الله المقتول، ولا تكن عبد الله القاتل} فأخذوا امرأته وهي حامل، ففقئوا بطنها بالخنجر فإذا هي وجنينها في الأرض!! ثم اجتمعوا على الصحابي فذبحوه على النهر.
فوصل الخبر إلى أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وأرضاه، قال: [[الله المستعان! اذهب يا بن عباس إليهم، علَّ الله أن يهدي بك منهم نفراً كثيراً]] فلبس ابن عباس لباساً جميلاً وتطيب؛ لأن الله جميل يحب الجمال، وهو من أتقى الناس، فلما رأوه مقبلاً قالوا: من هذا؟ كأنه البدر، إنه ابن عباس ابن عم الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: أنا ابن عباس، قالوا: ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: الله أعلم حيث يجعل رسالته، فقالوا: يا بن عباس! كيف تلبس هذا اللباس، قال: هذا حلال أتجمل به، أأنا أعرف بالسنة أم أنتم؟ قالوا: أنت.
فأخذ يفاوضهم، فعاد منهم ما يقارب أربعة آلاف، وقيل: ما يقارب ألفين، ورفض البقية العودة إلى دائرة أهل السنة، فاستعان علي بن أبي طالب بالله، وخرج بجيشه المسلم، ووافقهم في النهروان واقتتلوا قتالاً ذريعاً، وما قتل من أهل السنة إلا ثلاثة, وقُتل منهم أربعه آلاف.
فقال علي رضي الله عنه: ابحثوا عن رجل وصفه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، مخدج، ناتئ الجبهة، مغرورق العينين، مقطوع اليد اليسرى عليها كثدي المرأة، وعليها شعرات، فهذا منهم.
فبحثوا في القتلى، قالوا: ما وجدنا، قال علي: والله ما كذبت ولا كذبت، وإنه معهم.
فبحثوا ومع الغروب وجدوه في آخر القتلى، فرفعوه؛ فإذا هو كالوصف الذي وصفه صلَّى الله عليه وسلم، فسجد علي وقال: الحمد لله رب العالمين.