السنة في إرسال الرسائل كما قال أهل العلم:
أولاً: أن تبدأ بـ (باسم الله) قال ابن تيمية: كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يبدأ في الرسائل بالبسملة، وفي الخطب بالحمدلة.
ولذلك كانت خطب النبي صلى الله عليه وسلم لا تبدأ بالبسملة، بل كان يقول: (إن الحمد لله) في الجمع والأعياد والاستسقاء والكسوف، أما رسائله فتبدأ بـ (بسم الله الرحمن الرحيم) من محمد صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم.
ثانياً: اسم المرسل يتقدم دائماً، إلا ما استثناه أهل العلم -كما قال ابن حجر - فإذا أرسلت إلى عالم كبير أو والي عادل فإن بعضهم يرى أنك تقول: إلى فلان من فلان بن فلان، والرأي الصحيح: أنك تبدأ باسمك، سواء كان هذا أفضل منك أو أعلى.
ثالثاً: السلام في الرسالة؛ أن تبدأ الرسالة بالسلام، فإن كتبت إلى كافر تقول: والسلام على من اتبع الهدى، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وكما قال موسى لفرعون.
وأذكر هنا رسالتين لـ ابن كثير وغيره من العلماء:
كان هارون الرشيد حاكماً على الأمة الإسلامية يوم أن كانت الأمة عزيزة، ويوم أن كانت جباهها في السماء، وكانت لا تسجد إلا لله، فكانت ملكة الروم تدفع الجزية لـ هارون، إما الإسلام وإما الجزية وإما السيف، فلما ماتت هذه المرأة وتولى نقفور ملك الروم، فجمع مستشاريه وقال لهم: ما رأيكم؟
قالوا: امرأة ضعيفة كانت تدفع الجزية، ونحن أقوياء فتورط إلى أذنه.
فكتب إلى هارون الرشيد يقول: إن التي كانت قبلي كانت عاجزة، وكانت تدفع لكم الجزية، أما الآن فلا جزية لكم ولا حق.
فأخذ هارون الرشيد رسالته وكتب على ظهرها:
بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، أمَّا بَعْد: فالجواب ما تراه لا ما تسمعه.
فلا كُتْب إلا المشرفيات عنده ولا حق إلا للقنا والقنابل
فجهز مائة ألف مقاتل، وبعد أيام هجموا عليه فقادوه بأذنه وضاعفوا عليه الجزية، كان على الواحد اثنا عشر درهماً، فأصبحت أربعة وعشرين درهماً، هذا جواب هارون الرشيد.
وذكر ابن كثير أن علياً ومعاوية رضي الله عنه الله عنهما لما التقيا في صفين، كتب ملك الروم إلى معاوية يقول له: إني سمعت أن ابن عمك ناقم عليك، فإن أردت أن أنصرك عليه فعلت.
فكتب معاوية إليه ما معناه: يا عدو الله! والذي لا إله إلا هو لو سمعت أنك اقتربت من بحار المسلمين -يوم كان للمسلمين بحار- لأقوم أنا مع ابن عمي عليك، فإنك عدو لله ولرسوله.