أقصر رسالة عند أهل التاريخ والأدب رسالة خالد بن الوليد، لما التقى في اليرموك -انظر هذه الهمم العالية- بجيش الروم، وكان جيش الروم عند كثير من المؤرخين أنه مائتين وثمانين ألفاً، وجيش خالد ما يقارب ثلاثين ألفاً، فلما رآهم في الصباح أقبلوا كالجبال، تدلف كتيبة وتستقر في الصحراء، وكتيبة بعدها، وكتيبة أخرى.
فقال أحد الناس لـ خالد: اليوم نفر إلى جبل سلمى وأجا في حائل -فدمعت عينا خالد وقال: [[لا والله لا نفر إلى سلمى وأجا ولكن إلى الله الملتجأ]] ثم قال: حسبنا الله ونعم الوكيل.
ثم أرسل رسالة -وهو في المعركة- إلى عياض بن غنم، وكان عنده جيش الاحتياط في الصحراء، تركه عمر على بعد وقال له: [[أنت بالذراري والنساء، فإن طلبك خالد فلب طلبه]] وكان يظن خالد أن الجيشين متقاربين أربعون مقابل ثلاثين لكنهم مائتان وثمانون ألفاً.
فكتب: [[بسم الله الرحمن الرحيم، من خالد إلى عياض إياك أريد]] فلما أتته الرسالة حشد قبائل العرب ولقي بها العدو مع خالد وكان النصر العظيم: {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران:174].