قال: باب عيادة المغمى عليه:
انظر إلى البخاري يأتي بأمور لا ينتبه إليها إلا من فقه ودقَّقَّ، هل الإنسان الذي أغمي عليه وأغشي وفقد وعيه بأمر ما هل يعاد أم لا؟
عن ابن المنكدر أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: {مرضت مرضاً فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر وهما ماشيان -من الحفاوة أنهما ماشيان إما قصداً وإما توافق- فوجداني أغمي علي، فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صب وضوءه علي، فأفقت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله! كيف أصنع في مالي، كيف أقضي في مالي؟ فلم يجبني بشيء حتى نزلت آية الميراث}.
يقول أبو ذر فيما صح عنه: {كان الرسول صلى الله عليه وسلم يأتيني في بيتي فيصافحني إذا رآني قال: فأتاني مرة فلم يجدني فجلس على السرير، فلما أتيت التزمني فكانت أحسن} كان الغالب أن يصافحه مصافحة فأتى مرة فلم يجده فجلس على السرير ينتظره، ينتظر أحد تلاميذه وطلابه وحسنة من حسناته، فلما أتى صلى الله عليه وسلم صافح أبا ذر والتزمه فكانت أحسن يعني: من كثرة الحفاوة، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يكرم أحداً من أصحابه يلتزمه أو يشبك أصابعه في أصابعه كما في سنن أبي داود بسند صحيح، قال معاذ رضي الله عنه وأرضاه: {خرجت من المسجد فأخذ صلى الله عليه وسلم يدي فشبك أصابعه بأصابعي وقال يا معاذ: والله إني لأحبك لا تدع دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك}.
هل تشبك الأصابع في المسجد، البخاري من يقظته وفطنته يأتي بهذا الباب لأنه عند الترمذي في حديث كعب بن عجرة في سنده كلام وفيه ضعف، قال صلى الله عليه وسلم: {إذا ذهب أحدكم متوضأ إلى المسجد فلا يشبك بين أصابعه} لكن البخاري يقول: باب تشبيك الأصابع في المسجد، ثم من أين يأتي لنا بحديث قال: {قام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد صلاة العشاء وقال: المؤمن للمؤمن كالبنيان وشبك بين أصابعه} فهو في المسجد صلى الله عليه وسلم متوضأ، فلا بأس بتشبيك الأصابع، فبعض الاتحافات منه صلى الله عليه وسلم من باب التكريم لأصحابه يكرمهم بهذا العمل عليه الصلاة والسلام.