من أسباب فقد هذه الروحانية: كثرة المباحات؛ فإننا نكثر من المزاح على حساب الجد، وهذه ظاهرة في الشباب، المزح اليدوي والمزح باللسان، وكثرة الزيارات من غير طائل، وكثرة الكلام الفارغ، ومجريات الحياة، وأخبار الناس، حتى أنك تجد طالب العلم إذا زارك في بيتك وفتحت له كتاباً وقلت: هيا بنا نقرأ، لم يزرك مرةً ثانية، وجرب أي شاب يأتي في سبيل البسطة، وعلى سبيل السعة والترويح، يأتيك ليزورك ليوسع صدره ويضيق عليك صدرك، أي أنه يعمل أعماله ويقرأ فيرى أن يجعلك فرجة له، فيطرق عليك الباب ويدخل، يريد منك أن تخبره بالقصص، وأن تمازحه، وأن تمضي معه الوقت؛ لكن جهز له موضوعاً قبل أن يدخل من فتح الباري وتقرأ ثلاث صفحات متواصلة، وناقشه، مرة ثانية يتثاقل من زيارتك، وهذا من طبيعة النفوس، ودليل على عدم الجدية لا في التحصيل ولا في ضبط الوقت.