تميزت عبادته صلى الله عليه وسلم بثلاث خصائص:
أولها: اليسر وهي في الدعوة كذلك.
ثانيها: الجودة، قال تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الملك:2] وجد من الناس من يصلي في اليوم خمسمائة ركعة، غلاة الصوفية صلوا خمسمائة ركعة، لكن بعضهم كان ينام واقفاً، يصلي ويصلي حتى ينعس واقفاً، وهذه ليست عبادة، يقول ابن الجوزي في تلبيس إبليس: مروا على رجل يصلي الفريضة من الصوفية وهو ينعس قالوا: مالك؟ قال: ما نمت البارحة، أصلي النافلة، قال له أحد العلماء: أتسهر في نافلة حتى تنعس في فريضة؟ وذكر الخطابي في كتاب العزلة: أن أحد غلاتهم وجهلتهم حجب عينه بورقة، قالوا: مالك؟ قال: إسراف أن أنظر بعينين إلى الدنيا.
هذا هو فقه العجائز، فقه عجائز نيسابور، هذا هو الورع البارد، يقول: إسراف أن أنظر بعينين إلى الدنيا، والله يقول وهو يمتن على العبد: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ.
وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ.
وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:10] فكيف يجعل الله له عينين وهو يريد عيناً واحدة، إنه الجهل، فميزة عبادته صلى الله عليه وسلم، الجودة مع اليسر.
والمسألة الثالثة: مراعاة الأحوال:
فكانت ميزته في الجهاد جهاداً، وفي الصلاة خشوعاً، وفي الذكر اطمئناناً وسكينة، وفي التعليم تفهيماً.
البس لكل حالة لبوسها إما نعيمها وإما بؤسها